بقلم: ألفة السلامي
تابعتُ مسلسل (المستور: ضحايا الحلال) بعد أن لاحظتُ خلال الأيام الماضية مناقشات دائرة بشأنه على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد تصدر مؤشرات البحث على (جوجل تريند) بالتزامن مع عرضه على منصة شاهد (vip).
وتدور القصة حول خمس فتيات، من عدة دول عربية، تضعهن الظروف في طريق سيِّدة هي (أم نورا) تستغلهن وترتب لهن بمشاركة مأذون زيجات غير قانونية ولا شرعية وتسمى بالزواج المسيار وتكون هي بمثابة السمسارة التي تصطاد البنات ودوره بالمثل البحث عن الرجال مقابل مبالغ كبيرة يتقاسمونها بينما تجري هذه الجرائم بعيدًا عن أعين الشرطة والمؤسسات الرسمية. ويتضح أن الفتيات يقعن ضحية هذه العصابة ونتابع أحداثًا واقعية مشوّقة مكتوبة ومصورة بسلاسة وبساطة ملقيةً الضوء على قضية اجتماعية هامة للغاية تقع على أرض المملكة لكنَّ بعض أطرافها من خارجها حيث نجد إحدى البنات (شوق) من المغرب تجسد دور الضحية والجلاد.
كما نجد إحدى بطلات هذا المسلسل (ناريمان) سورية تضعها ظروف الصراع في بلدها لقمة صائغة في فم العصابة... بينما الشخصيات المحورية الأخرى (جود وسحر) وهما سعوديتان يعانيان من اليتم منذ الصغر وطلاق مع خطف الأبناء من الزوج. يضاف إلى هؤلاء السيدات أبطال ذكور سعوديون جسدوا أدوار الأزواج في هذه العلاقة المؤقتة الغريبة وليسوا أبرياء أيضا في هذه الجرائم الشنيعة.
وضم المسلسل نخبة من نجوم الشاشة العربية جسدوا تلك الأدوار بإقناع وحنكة، مثل سناء بكر يونس، ميلا الزهراني، العنود السعود، نسرين الراضي، خالد صقر، أحمد مدحت وغيرهم.
المسلسل كان قد عُرض سابقًا، وتحديدًا في ديسمبر 2020، لكن تم وقف عرضه بعد احتدام الجدل حول المشكلات التي عرضها المسلسل؛ بعض المحافظين -كما في أي مجتمع محافظ - يهبّون للدفاع عن المجتمع والهجوم على الأعمال الفنية خوفًا من تعرية بعض الحقائق المؤلمة التي يعرفها القريب والبعيد لكن عندما يعرفها جمهور المتابعين للشاشة يصبح الأمر مقلقًا، ويتهمون حينئذ الإعلام بتشويه مجتمعهم. ولعل ظاهرة الزواج المسيار وغيرها من الظواهر والتسميات لم تتسلل إلى المجتمع السعودي من تلقاء نفسها بل أفتى بها بعض الشيوخ واحتضنها دعاة ومريدون لدرجة أن مجتمعات أخرى مجاورة اكتوت بنارها وخلفت ضحايا بالمئات.
ولعلَّ عودة عرض هذا العمل الدرامي مرة أخرى يؤكد انتصار الفنّ والأصوات المصلحة والجريئة التي ترى أن المجتمعات تزدادُ قوةً ومناعةً عندما تواجه مشكلات لديها وتناقشها بجرأة وصراحة، وليتضح أن مسلسل المستور ما هو إلا محاولة لكشف هذا المستور والتي تنتهي بموت المجرمين المتسببين في الاستغلال لهؤلاء الفتيات. وقد جعل صانعو العمل الموت مصير المجرمين سواء بعد حادث الطريق أو الحرائق وكأنه عقابٌ إلهيٌّ لهم قبل أن تصل يد القانون إليهم، حيث أنهم متورطون في عدة جرائم جنائية تعاقب عليها كل القوانين الوضعية الدولية. ويعد هذا المسلسل في رأيي استفاقة فنية محمودة وهي أحد المؤشرات الدالّة على التغيير والتطوير والإصلاح التي تجرى في شتى المجالات بخطى متسارعة في الواقع السعودي الآن.
Comments