بقلم الدكتور لويس حبيقة
لا تقتصر الأعاصير الحالية على الاقتصاد والمال بل أضيفت اليها أعاصير الطبيعة ليس فقط في فلوريدا وميسيسيبي، وانما أيضا في سوريا وتركيا وبعض دول شمال أفريقيا العربية. تضرب الأعاصير الطبيعية كما الاقتصادية اجمالا الفقراء دون أن ننكر اصابة الأغنياء أيضا كأصحاب البواخر الكبيرة في شواطئ "فورت مايرز" في فلوريدا وفي الجنوبين التركي والفرنسي وغيرهما. من الصعب تنبؤ الأعاصير الطبيعية بدقة، ليس لمواجهتها، بل لتنبيه السكان الى أن الغضب الطبيعي آت وبالتالي تتم الوقاية الفضلى لتخفيف الخسائر البشرية والمادية. كذلك الأمر بالنسبة للأعاصير الاقتصادية حيث فشل الخبراء في توقع الأزمات المتكررة في التوقيت والحجم والعمق. أما الأعاصير السياسية الأمنية، كما يجري حاليا في أوكرانيا وغزة، فمواجهتها الفضلى تتم قبل أن تحصل ارتكازا على المؤشرات.
أما بعد ذلك، فالجهود الديبلوماسية تبقى أفضل بكثير من الحلول العسكرية. معظم هذه الأعاصير تنبع من الكره الذي تسببه السياسة ويسببه الظلم. فالكره لا يموت، وحله لا يأتي من القوة بل من التفاهم المبني على الحق والعدل.
للأعاصير الطبيعية طاقة كبيرة وعنيفة ويمكن تشبيهها بمولد كهربائي يدور بسرعة كبيرة. أما الركود الذي يمكن أن ينتج عن السياسة النقدية فيمكن تشبيهه بمولد يدور ببطء، لكن في الحالتين للأعاصير تأثيرات سلبية على حياة المواطن وتسبب خسائر بشرية ومادية كبيرة. الفارق الوحيد بينهما هو أن الأعاصير الطبيعية لا تؤثر على مستقبل الطقس بينما الأعاصير الاقتصادية تغير شكل وطبيعة الاقتصاد المستقبلي.
في الخسائر هنالك فارق بين المباشرة المحددة الواضحة للأعاصير الطبيعية من جهة، وخسائر الأعاصير الاقتصادية من جهة أخرى التي يمكن أن تكون أعمق وأشمل عندما تنتشر الى دول عدة قريبة وبعيدة. أما الأعاصير السياسية، فخسائرها يمكن أن تكون نفسية أولا وثم مادية، ولا تنسى بل تمتد من أجيال الى أخرى.
البروفسور "روبرت يونغ" ينصح بتغيير سياسات الصمود والانقاذ ضد الأعاصير الطبيعية. يقول بأن الأعاصير تحصل عموما في نفس الأمكنة، فتنفق أموال عامة باهظة للانقاذ والتعويض والبناء. تتكرر الأعاصير في نفس الأمكنة بعد فترة ويعود الانفاق من جديد. يقول لماذا لا تنفق هذه الأموال على بناء مناطق أخرى لا تطالها الأعاصير وينقل السكان اليها وبالتالي نوفر الكثير من التكلفة المادية والمعنوية. المسؤولون المحليون يعرفون جيدا المناطق المعرضة كما المناطق البعيدة عن الأعاصير الظالمة. تحليل البروفسور يونغ موضوعي، لكنه يتجاهل تعلق الانسان بأمكنة عيشه وظروف حياته.
يقوم المصرف المركزي الأميركي برفع الفوائد لمحاولة القضاء على التضخم. كبار الخبراء الأميركيين ومنهم "جوزف ستيغليتز" و"بول كروغمان" ينصحون المصرف المركزي بالتروي أكثر في رفع الفائدة لأن تأثيرها على الاقتصاد يأخذ بعض الوقت ويمكن أن يسبب الركود وبالتالي البطالة. أما افلاس مصرف SVB في كاليفورنيا، وعموما الخضة المصرفية الأخيرة بدأ من الولايات المتحدة الى سويسرا فتفرض تخفيف وتيرة رفع الفوائد لتجنب خسائر أكبر وللحفاظ على الثقة في النظام المصرفي.
Comments