bah البروفيسور حسن عجمي لـ بيروت تايمز: الفكر العربي في مواجهة التحديات ورحلة في عقول الفلاسفة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

البروفيسور حسن عجمي لـ بيروت تايمز: الفكر العربي في مواجهة التحديات ورحلة في عقول الفلاسفة

03/27/2025 - 22:39 PM

absolute collision

 

 

نيويورك - بيروت تايمز - اجرت الحوار منى منصور

 

البروفيسور حسن عجمي هو مفكر وفيلسوف لبناني معروف بأعماله التي تجمع بين الفلسفة والعلوم. يُعتبر من أبرز المدافعين عن مفهوم "السوبر حداثة"، وهو مذهب فلسفي يدمج بين الحداثة وما بعد الحداثة، حيث يرى أن الكون غير محدد ولكنه يمكن معرفته من خلال لامحدوديته. من أبرز كتبه "السوبر حداثة" و"السوبر حداثة في مواجهة السوبر تخلف".

كما يهتم البروفيسور عجمي بالعلوم الفيزيائية وعلاقتها بالوعي، حيث يرى أن الكون والوعي يشكلان حقلاً وجودياً واحداً. وقد طرح نظريات فلسفية وعلمية جديدة، منها نظرية "الكونلوجيا التحولاتية"، التي تشير إلى وجود أكوان متوازية يمكن أن تتحول إلى أي كون ممكن.

البروفيسور عجمي لديه مجموعة واسعة من الكتب التي تجمع بين الفلسفة والعلوم. من أبرز مؤلفاته:

  • الشعر العلمي: كتاب يمزج بين الشعر والفكر العلمي
  • الميزياء (الجيزياء والحيزياء): يتناول فيه موضوعات علمية وفلسفية بطريقة مبتكرة
  • السوبر مثالية: يناقش فيه مفهوم المثالية من منظور فلسفي
  • الفلسفة الإنسانوية: العلمنالوجيا والعقلنالوجيا: يناقش فيه الفلسفة من منظور إنساني
  • السوبر معلوماتية - علم الأفكار المستحيلة: يركز على الأفكار التي تبدو مستحيلة وكيفية التعامل معها

وإلى تفاصيل الحوار الشيق مع البروفيسور حسن عجمي

 

■ كيف كانت طفولتك وشبابك في لبنان وانتقالك الى أميركا؟

كانت طفولتي وما زالت شبيهة بالأشجار والأنهار والزهور. أما شبابي فكان وما زال بحثاً عن الحقائق والمعاني وما يصاحبها من أفراح وآلام. وما زلت أحيا طفولتي وشبابي في آنٍ معاً فالإنسان مجموع كل ذواته الممكنة. أما انتقالي إلى أميركا فهو مجرّد انتقال جسدي فالإنسان يحيا بأفكاره ومشاعره التي تحتوي كلَّ الأزمنة والأمكنة.

 

■ أين تلقيت تعليمك واختصاصك الأكاديمي؟ وما هي التحديات التي واجهتها خلال دراستك؟

درست الفلسفة في الجامعة الأمريكية في بيروت وجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك. ولم توجد تحديات في دراستي سوى رغبتي في الاختلاف الفكري عما هو سائد. فالدراسة الأكاديمية تستلزم الطاعة الفكرية بينما الإبداع يستلزم الثورة الفكرية.

 

■ هل كان هناك شخص أو حدث معين أثر في قرارك بأن تصبح أستاذاً جامعياً؟

السبب الأساس وراء أن أصبح أستاذاً جامعياً هو أن أساهم في تطوير المجتمع الإنساني من خلال نشر التفكير المنطقي والعلمي وبناء التواصل والتفاهم بين الثقافات المتنوّعة. تدريس الفلسفة بطريقة سليمة يؤدي إلى قبول الآخر ويعزّز حرية الإنسان لأنَّ الفلسفة فن إنتاج الأفكار المنسجمة ذات الأبعاد الجمالية والإنسانية كالفلسفة الإنسانوية التي تؤمن بوحدة كل البشر وأهمية الوجود الإنساني وحق الإنسان في الحرية والتطوّر.

 

■ كيف بدأت رحلتك في عالم الفلسفة والأدب؟

بدأت رحلتي في عالم الفلسفة والأدب منذ الطفولة حين كنت أجلس وحيداً متأملاً هذا الكون والوجود. بدأت بأسئلتي "لماذا أنا موجود؟" و "لماذا يوجد الوجود؟" و "ما هي الحياة؟" مما دفعني إلى قراءة الكتب الفلسفية والأدبية والتخصص في الفلسفة لكونها تُعنَى بكل الحقول الأدبية والمعرفية والعلمية. أما الوجود فبيان المعاني بينما الحياة خطاب والموت فاصلة. فلا يحيا الإنسان سوى في رحلات أفكاره ومشاعره أي لا يحيا الإنسان سوى في خطابه.

 

■ ما هي فلسفة السوبر حداثة وكيف تختلف عن الحداثة وما بعد الحداثة؟

تعتبر الحداثة أنَّ الكون مُحدَّد وبذلك من الممكن معرفته بينما تقول ما بعد الحداثة إنَّ الكون غير مُحدَّد ولذلك من غير الممكن معرفته. ولكن تؤكِّد السوبر حداثة على أنَّ رغم لامُحدَّدية الكون من الممكن معرفته. بالنسبة إلى السوبر حداثة، كل الظواهر والحقائق غير مُحدَّدة ولكن لامُحدَّديتها تمكّننا من معرفتها. مثل ذلك أنّه من غير المُحدَّد ما هو الكون ولذلك كل النظريات العلمية ناجحة في تفسير الكون ووصفه رغم الاختلاف فيما بينها كالاختلاف بين نظرية أينشتاين القائلة بأنَّ القوانين الطبيعية حتمية ونظرية ميكانيكا الكمّ القائلة بأنَّ القوانين الطبيعية احتمالية وليست حتمية. فإن كان الكون مُحدَّداً، فحينئذٍ لا بدّ من وجود نظرية علمية واحدة فقط ناجحة في تفسير الكون ووصفه. ولكن ثمة نظريات علمية عديدة ناجحة في وصف وتفسير الكون رغم الاختلاف فيما بينها مما يدلّ على أنَّ الكون غير مُحدَّد. هكذا من خلال لامُحدَّدية الكون نتمكّن من تفسير نجاح النظريات العلمية رغم التعارض فيما بينها وبذلك نحصل على معرفة لماذا هي ناجحة رغم اختلافها. من هذا المنطلق، لامُحدَّدية الكون تمكّننا من معرفته.

Hassan Ajami Author & Philosopher ...

■ ما هي الأفكار الرئيسية التي تطرحها في كتبك مثل "السوبر حداثة" و"السوبر مستقبلية"؟

بالنسبة إلى السوبر حداثة، اللامُحدَّد يحكم العالَم بينما، بالنسبة إلى السوبر مستقبلية، التاريخ يبدأ من المستقبل. فمثلا ً، تقول السوبر مستقبلية إنَّ المعاني والحقائق قرارت اجتماعية وعلمية في المستقبل. وبذلك المعاني والحقائق مُحدَّدة في المستقبل فقط مما يحرِّرنا من الحقائق والمعاني الماضوية ويدفع بنا إلى تحديدها مما يضمن بدوره أن نكون فعّالين في إنتاج المعاني والحقائق. من هنا، تغدو الحقائق والمعاني معتمدة على صياغتنا لها مما يضمن استمرارية البحث الفلسفي والعلمي. هذه فضائل معرفية أساسية للسوبر مستقبلية كفضيلة ضمان استمرارية البحث المعرفي. أما السوبر حداثة فلديها قدرات تحليلية وتفسيرية ناجحة وعديدة كتحليل الإنسان على أنه كائن غير مُحدُّد مما يتضمن وحدة كل البشر في لامُحدَّديتهم ومما يؤدي بدوره إلى قبول الآخر فيؤسِّس للفلسفة الإنسانوية القائمة على قبول الآخرين.

 

■ ما هي الرسالة التي تحاول إيصالها من خلال كتاباتك الفلسفية والعلمية؟ وكيف ترى العلاقة بين الفلسفة والعلم في العصر الحديث؟

ثمة رسائل عديدة منها التحرّر من السوبر تخلف، الكامن في تطوير التخلف، والانتقال إلى السوبر حداثة والسوبر مستقبلية ومبادئهما كمبدأ أنَّ التاريخ يبدأ من المستقبل مما يضمن حريتنا الفكرية والسلوكية. ومن تلك الرسائل أيضاً الدعوة إلى المشاركة في إنتاج العلوم فبالعلم نتمكّن من التحرّر من يقينياتنا المخادعة. أما الفلسفة والعلم فيشكّلان حقلا ً معرفياً واحداً لا يتجزأ. ولذلك تتضمن كتاباتي نظريات فلسفية وعلمية في آن. فالعلوم تؤسِّس لبناء الفلسفة بينما الفلسفة مدخل العلوم. وبذلك ثمة تأثير متبادل بين العلوم والفلسفة. على ضوء هذه الاعتبارات، سعيتُ في كتاباتي نحو تأسيس فلسفات علمية أي قائمة على العلوم وقبولها. مثل ذلك فلسفة لامُحدَّدية الكون المعتمدة على لامُحدَّدية ميكانيكا الكمّ القائلة بأنه من غير المُحدَّد إن كانت الجُسيمات (كالإلكترونات) هي جُسيمات أم موجات.

 

■ ما هي أكبر التحديات التي واجهتها في مسيرتك الأكاديمية والأدبية؟

من أكبر التحديات التي واجهتها عدم الوقوع في الفتنة. في عصر السوبر تخلف، المشاركة في الفتنة فضيلة الفضائل ومصدر الشهرة والمال والمراكز. نحيا في عالم سوبر متخلف ومن صفاته رفع رايات التعصب والجهل والادعاء بأنها رايات الحق. لذلك كان وما زال اختياري الاهتمام بالفكر الإنساني على اختلاف مناهجه والانعزال عن مصادر الفِتَن وإن كان ذلك يسبِّب خسارة مادية أو معنوية. فلا توجد مؤسسة بلا أهداف تمارس من خلالها تغييب الآخر. من هنا، التحدي الأكبر في العمل الثقافي والأكاديمي هو تحدي الذات ومنعها من أن تكون سلعة تجارية.

 

■ ما الإنجازات التي تفخر بها أكثر؟ وكيف ترى مستقبل الفلسفة والأدب في العالم العربي؟

الإنجازات التي أفتخر بها هي صياغة مصطلحات ومفاهيم جديدة تحتوي على مضامين مبتكرة منها السوبر حداثة والسوبر مستقبلية والسوبر تخلف والميزياء التي تدرس ميزة الظواهر الطبيعية والاجتماعية. فالأفكار الجديدة تحتاج إلى لغات جديدة قائمة على إنتاج مفاهيم لم نعهدها سابقاً. ومن الممكن أن يكون مستقبل الفلسفة والأدب في العالم العربي فعّالا ً ومزدهراً. ولكن ذلك يستلزم اعتماد وعي جديد كاعتماد الوعي السوبر مستقبلي الذي يؤكِّد على أنَّ التاريخ يبدأ من المستقبل مما يحرِّرنا من أكاذيب الماضي. يجب على العقل العربي أن يبدأ من المستقبل فتصوّرنا للمستقبل ولذواتنا المستقبلية يصوغ مَن نحن اليوم.

■ ما عدد الكتب التي أصدرتها والجوائز والتكريمات التي حصلت عليها تقديراً لإسهاماتك الأكاديمية والعلمية؟

أصدرتُ عشرين كتابا ً باللغة العربية وثمانية كتب باللغة الإنكليزية. و ما زلتُ أعمل على كتابة كتب جديدة بلغات مختلفة فالبحث المعرفي لا ينتهي. وأكبر جائزة حصلت عليها هي عدم مشاركتي في الفتنة الطائفية والمذهبية في لبنان والعالم العربي. لقد كان من الممكن أن أشارك في الفتنة الكبرى وأستفيد كما فعل العديد. ولكن كان اختياري دوماً عدم المشاركة في الفتنة. ولذلك كنت مثلا ً أرفض بعض اللقاءات على القنوات التلفزيونية تجنبا ً للوقوع في أيّة فتنة. أفتخر بجائزة عدم المشاركة في الفتنة وأعتز بها. فالجوائز مصدرها المؤسسات الكبرى والدول التي لا تخلو من ممارسة الإرهاب كالإرهاب الفكري والمشاعري والإرهاب الجسدي أيضاً.

 

■ علاقاتك بلبنان أين هي اليوم وهل تتابع الأحداث اللبنانية وما هو رأيك بالسياسة اللبنانية الأميركية؟

ثمة علاقة يومية بيني وبين لبنان فهو حاضر في عقلي وقلبي معاً. الوطن عشق والعشق إنسان. وأتابع أخباره الثقافية والسياسية الأساسية وأشارك في إظهار أحقية لبنان في الازدهار والتطوّر متى كانت المشاركة مفيدة لوطني الجميل. أما بالنسبة إلى السياسة اللبنانية الأميركية، فحسب اعتقادي، ثمة علاقات جيدة بين لبنان وأميركا ومعظم دول العالم. ولكن لا بدّ من تفعيل هذه العلاقات على ضوء مبدأ أنَّ السياسة فن إنتاج السلام والازدهار. مثل ذلك أن تدعو الدولة اللبنانية أميركا ومعظم دول العالم لإنشاء جامعات ومؤسسات ثقافية وعلمية وصناعية وتكنولوجية في لبنان وتقديم الدعم لتلك المشاريع. فازدهار لبنان وسلامه يعتمدان على العلاقات القوية مع معظم الدول ومن ضمنها أميركا ولن توجد علاقات قوية وسليمة من دون الشراكة في الإنتاج الاقتصادي والثقافي.

 

■ ما هي التحديات الرئيسية التي تواجه الحكومة اللبنانية؟

التحدي الرئيسي للحكومة اللبنانية هو التحوّل من سياسة الطوائف والانقسام إلى سياسة إنتاج السلام والازدهار. فالسياسة فن إنتاج السلام والازدهار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. من هنا، على الحكومة اللبنانية الاستثمار في الاقتصاد والمجتمع والثقافة كإنشاء مؤسسات وجامعات بمشاركة دول أخرى لكي يرتبط اقتصادنا مثلاً باقتصاد الدول المُنتِجة. و في هذا نصر كبير للدولة والحكومة لأنه سوف يمنع في المستقبل أيّة دولة معادية من أن ترتكب المجازر بحق أطفالنا والمواطنين. فحين يكون اقتصادنا مرتبطاً باقتصاد معظم الدول من خلال ما تستثمر تلك الدول في لبنان، حينئذٍ سوف يتمكّن لبنان من الدفاع عن أرضه وحقوق المواطن اللبناني و لن تعتدي أيّة دولة على لبنان وشعبه. الإنتاج الاقتصادي والثقافي بمشاركة الدول الأخرى ومؤسساتها أساس نشوء الدولة القوية والحكومات الناجحة.

 

■ كيف تؤثر الأحزاب السياسية المختلفة على السياسة اللبنانية؟

أوضحتُ في كتابي السوبر تخلف كما في مقالاتي العديدة في السوبر تخلف أنَّ الشعب المتخلف لا ينتج ولا يساهم في تطوير أيّ شيء بينما الشعوب السوبر متخلفة تطوِّر التخلف من خلال استخدام التكنولوجيا من أجل نشر الجهل والتجهيل وتقديم العلم على أنه جهل والجهل على أنه علم. وينتشر السوبر تخلف في الشرق والغرب معاً كاستخدام القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر الفتنة والخرافات و رفض العِلم. من هذا المنطلق، معظم الأحزاب السياسية في لبنان والعالم أيضاً تمارس السوبر تخلف من جراء نشر الجهل و رفض التفكير المنطقي والعلمي مما يؤسِّس للفتنة والانهيار الحضاري. لذلك على الأحزاب اللبنانية إعادة صياغة مبادئها ومؤسساتها على ضوء أنَّ السياسة كامنة في إنتاج السلام والازدهار بمعانيه كافة كالازدهار الثقافي والعلمي والاقتصاي والاجتماعي. أحزاب بلا طوائف هو الحل السليم والعقلاني.

 

■ كيف تؤثر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية على السياسة اللبنانية؟ وما هي الحلول الممكنة للخروج من هذه الأزمات؟

السياسة هي التي تؤدي إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لأنها في معظمها سياسة الفتنة ونشر التعصب والجهل والتجهيل. إنها سياسة السوبر تخلف السائدة في الشرق والغرب والكامنة في تقديم العلم على أنه جهل وتقديم الجهل على أنه علم واستخدام التكنولوجيا لنشر الجهل والتعصب. ولكن حين تكون السياسة قائمة على إنتاج السلام الأهلي والإنتاج الإبداعي في الثقافة والعلوم وما يستلزم من وجود لمؤسسات علمية وصناعية وتكنولوجية، فعندئذٍ تزول الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بفضل الإنتاج الحضاري القائم على العِلم والثقافة والإبداع في الميادين المختلفة. الحل في قبول الفلسفة الإنسانوية القائلة بأنَّ كلّ البشر يشكّلون إنساناً واحدا ً لا يتجزأ. وهذا مدخل السلام والازدهار.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment