bah خلود وتار قاسم لـ "بيروت تايمز": مشاركة الاغتراب ضرورة وطنية… والمرأة قد تحمل الحل الذي عجز عنه الذكور في السلطة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

خلود وتار قاسم لـ "بيروت تايمز": مشاركة الاغتراب ضرورة وطنية… والمرأة قد تحمل الحل الذي عجز عنه الذكور في السلطة

07/15/2025 - 18:24 PM

Atlas New

 

 

بيروت – دبي، بيروت تايمز - أجرت الحوار: منى حسن

 

في إطار مبادرتها "عظماء لبنان في العالم"، تسلط "بيروت تايمز" الضوء في هذه الحلقة على شخصية أكاديمية وإنسانية لامعة، يشهد لها مسارها المهني بالتميّز، وتُعزز إنجازاتها حضور لبنان في المحافل الدولية، رغم ما يمرّ به وطنها من أزمات متلاحقة. فحين يسود الشك وتتعاظم الأزمات، تبرز شخصيات تمتلك القدرة على تحويل المعرفة إلى رؤية، والألم إلى أمل، والموقف الفردي إلى مشروع وطني جامع.

في هذا السياق، تأتي الدكتورة خلود وتار قاسم، التي لا تتردّد في تسمية الأشياء بأسمائها، بعيداً عن شعارات "الإصلاح المستحيل". صوتها يأتي من عمق تجربتها، كمفاوضة دولية، باحثة اجتماعية وسياسية، وخبيرة في تحليل السياسات العامة والتحوّلات الجيوسياسية، وهي من القلائل اللواتي لا يساومن على مشروع الدولة المدنية الديمقراطية، ولا على الوضوح الفكري في زمن الالتباس.

 

الدكتورة خلود وتار قاسم في كلمات؟

هي واحدة من الأسماء البارزة أكاديميًا في العالم العربي والأوروبي، معروفة بدفاعها الصريح والمستمر عن لبنان المدني، الديمقراطي، وحقوق المرأة، حاضرة في أبرز المحافل الدولية، من الأمم المتحدة إلى جنيف وباريس وبروكسل ودبي وبيروت، كما في المنتديات المعنية بالعدالة الاجتماعية، قضايا النزاع، وتمكين المرأة في المجتمعات الانتقالية. مقاربتها للواقع اللبناني ليست تقنية بحتة، بل نابعة من إيمان راسخ بضرورة إعادة بناء العقد الاجتماعي من أساسه، بعيدًا عن الشعارات والتسويات الظرفية.

 

لبنان وطن لا طائفة… مجتمع لا مزرعة

في حديثها إلى "بيروت تايمز"، تؤكّد الدكتورة قاسم أن لبنان لا يُمكن أن يُبنى على الاصطفافات، بل على رؤية جامعة لدولة مدنية عادلة. تعتبر أن "ما يُسمى النسبية الانتخابية" التي أُقرّت في 2017 أُفرغت من مضمونها وتحولت إلى أداة لإعادة إنتاج المنظومة نفسها وتثبيت الاصطفافات الطائفية والمناطقية.

"أنا مع قانون انتخابي عادل، غير طائفي، قائم على لبنان دائرة واحدة، خارج القيد الطائفي، مع كوتا نسائية واضحة تضمن التمثيل الحقيقي للمرأة. النسبيّة ليست مشكلة بحد ذاتها، لكن إساءة استخدامها جعلتها سلاحًا بيد السلطة للحفاظ على مواقعها".

 

الاغتراب اللبناني: قوة وازنة في وجه المنظومة

في موقف صريح، ترى قاسم أن مشاركة الاغتراب اللبناني في الانتخابات ليست فقط حقًا، بل ضرورة وطنية، مؤكدة أن اللبنانيين المنتشرين في العالم أصبحوا قوة فكرية ومالية ومعنوية هائلة، وأكثر تحرّرًا من الابتزاز والزبائنية.

"السلطة تخشى مشاركة الاغتراب لأنها تعرف أن هذا الصوت قد يُخلّ بتوازناتها… اللبنانيون في الخارج خرجوا من قيود الطوائف وهم أكثر استعدادًا للرهان على الدولة، لا على الطائفة".

المشهد السياسي: لبنان في غرفة الإنعاش… والأطباء يتناحرون

بكثير من الواقعية، تصف الدكتورة قاسم المشهد السياسي في لبنان بأنه "مريض في غرفة العمليات، بينما الأطباء يتشاجرون على الغنائم بدل أن ينقذوه".

وتضيف: "أصبحنا موضوعًا تفاوضيًا بدل أن نكون طرفًا فيه… لبنان اليوم ساحة وليس لاعبًا. أما المنطقة بأسرها فتمرّ بتحولات كبرى، من النزاعات في فلسطين، سوريا، واليمن، إلى إعادة رسم خرائط النفوذ، فيما لبنان هشّ بما يكفي ليُستباح."

 

أما التحديات التي تواجهه، فتختصرها كالتالي:

- انهيار اقتصادي غير مسبوق

- تفكك مؤسسات الدولة بالكامل

- عجز القضاء وغياب العدالة

- تفشي الفساد وانعدام الثقة

محاولات ترسيخ الانقسام الطائفي وتحضير الأرض للتقسيم

 

لا ترقيع… المطلوب ولادة جديدة

تؤمن قاسم أن الحلول الجزئية فشلت، وأن البلاد بحاجة إلى مشروع تأسيسي جديد: "لا مخرج من دون تغيير جذري. نحتاج إلى انتقال حقيقي نحو دولة مدنية، قانون انتخابي حديث، سلطة قضائية مستقلة، إلغاء الطائفية السياسية، وبناء مؤسسات تُدار بالكفاءة لا بالوراثة."

وتضيف: "دعم المرأة في لبنان لم يعد خيارًا ترفيهيًا بل ضرورة وجودية. دعونا نخاطر ونجرّب دعمها، ربما تحمل الحل الذي عجز عنه الذكور التقليديون في السلطة."

 

المرأة اللبنانية: من رمزية الحضور إلى صناعة القرار

في حديثها إلى "بيروت تايمز"، تدعو قاسم إلى تحوّل جذري في نظرة المجتمع إلى المرأة اللبنانية، متجاوزةً التمثيل الشكلي نحو مشاركة فعلية في صياغة القرار السياسي والاجتماعي. تقول: "يجب أن تستعيد مكانها الطبيعي، لا كرمزية شكلية بل كلاعبة أساسية في مرحلة التحول".

هذا الطرح يتجاوز المطالبة بالحقوق، نحو بناء وطن تُعيد فيه المرأة اللبنانية صياغة مفاهيم القيادة والدولة. فقاسم ترى أن المرحلة تتطلب إعادة بناء الثقة، ومشروعاً وطنياً جامعاً ينقل لبنان من منطق الزعامة الفردية إلى منطق الدولة المؤسساتية، حيث تكون المرأة ركناً أساسياً لا يُستثنى.

"المرأة اللبنانية ليست هامشاً في الرواية الوطنية، بل هي من يكتب فصولها الأصعب… وإن لم نشارك اليوم، فلن نجد غدًا نشارك فيه".

بهذه الكلمات، تضيف الدكتورة قاسم بُعدًا تحفيزيًا للخطاب، داعيةً النساء والشباب إلى تجاوز الخوف والمشاركة الفاعلة في إعادة بناء لبنان، لا كمُتفرّجين بل كصانعين للمصير.

 

أمل المرحلة المقبلة: من التشتت إلى التنظيم

تُعبّر قاسم عن أمنيتها بأن يتحوّل اللبنانيون من ردود الأفعال إلى المبادرة، من الخوف إلى الشجاعة المدنية، من الفوضى إلى التنظيم، ومن اللا جدوى إلى الوعي الجماعي:

"أتمنى أن تستعيد الدولة معناها، وأن تعود السيادة إلى الأرض والعقل، لا إلى صكوك الولاء للخارج. أتمنى ألا يُعلن "الموت السريري" لوطني، بل أن يُعلن ولادة جديدة من رحم المعاناة."

صرخة الأمل الأخيرة: الآن، لا غدًا

في كلماتها الأخيرة إلى "بيروت تايمز"، توجّه الدكتورة خلود وتار قاسم، نداءً يتجاوز الخطاب السياسي نحو ما يشبه الرجاء الصادق والنداء الوطني. تخاطب اللبنانيين جميعًا، في الداخل والخارج، النساء والشباب، كل من لا يزال يؤمن بأن وطنه جدير بالحياة:

"لبنان لا يموت، لكنه بحاجة لمن يُقرر أن يُنقذه… الآن، لا غدًا."

بهذه العبارة، تختصر قاسم أزمة وطنٍ يرزح تحت وطأة الانقسامات، لكنها تزرع بذرة رجاء في قدرة أبنائه على إنقاذه. فالدعوة لا تحتمل التأجيل، والإنقاذ لا يكون عبر الشعارات بل عبر الإرادة الفعلية، والمبادرات الجريئة، والمشاركة المسؤولة.

 

*  نُشر هذا التحقيق في إطار سلسلة تقارير خاصة تُعدّها "بيروت تايمز"، تسلّط الضوء على اللبنانيين في الاغتراب الذين حملوا هويتهم الثقافية أينما حلّوا، وأسهموا في ترسيخها عالميًا في المجتمعات التي احتضنتهم، ولم يكن دورهم مقتصرًا على العمل بعيدًا عن الوطن الأم لبنان، بل امتد ليشمل مبادرات إنسانية، تعليمية، وتنموية، جعلت من كل لبناني في الخارج سفيرًا لوطنه، وامتدادًا حيًا لرسالته.

هذا الامتداد يتناغم تمامًا مع نداء الدكتورة قاسم، التي ترى في اللبنانيين المنتشرين طاقة إنقاذ لا يُستهان بها، وقدرة على إعادة تعريف الوطنية بما يتجاوز الحدود الجغرافية نحو مسؤولية جماعية تحملها القلوب قبل الأيدي.

عبارة قاسم "لبنان لا يموت، لكنه بحاجة لمن يُقرر أن يُنقذه… الآن، لا غدًا" وجدت صداها في قصص النجاح والمبادرات التي يحتضنها المغتربون، فصاروا نبضًا موازيًا للوطن، يحملون هويته في الفكر، في العطاء، وفي الذاكرة الحية.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment