بيروت – منى حسن – بيروت تايمز
تابع اللبنانيون في الداخل والخارج باهتمام بالغ جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت اليوم في قصر بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وبحضور رئيس الحكومة نواف سلام وعدد من الوزراء، وسط اهتمام واسع من اللبنانيين في الداخل والخارج، نظراً لإدراج بند حصرية السلاح ضمن جدول الأعمال.
الجلسة التي غاب عنها وزيرا المالية ياسين جابر ومحمد حيدر، شهدت عودة وزير الخارجية يوسف رجّي من إجازته للمشاركة في النقاشات. وتضمّن جدول الأعمال عشرة بنود، أبرزها تنفيذ البيان الوزاري، لا سيما ما يتعلق ببسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتية، إضافة إلى ترتيبات وقف الأعمال العدائية خلال شهر تشرين الثاني المقبل، وتعيينات إدارية وأمور طارئة.
وسبق الجلسة اجتماع ثنائي بين الرئيس عون ورئيس الحكومة تناول المستجدات السياسية والأمنية، في ظل تصاعد الضغوط الدولية لحصر السلاح بيد الدولة، لا سيما من قبل الولايات المتحدة التي قدمت ورقة رسمية بهذا الخصوص، وفق ما أعلنه رئيس الحكومة.
مواقف متباينة داخل الحكومة
قبل انعقاد الجلسة، عبّر عدد من الوزراء عن مواقفهم من بند حصرية السلاح. وزيرة السياحة لورا الخازن ووزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيّد أكدتا دعمهما لسحب سلاح "حزب الله"، فيما أبدى وزير التنمية الإدارية فادي مكي تفاؤله بعدم انسحاب وزراء "الثنائي الشيعي". أما وزير الصناعة جو عيسى الخوري، فقال إنه ليس على علم بسحب السلاح، بينما اكتفى وزير الصحة ركان ناصر الدين بالقول: "يبنى على الشيء مقتضاه".
نقاشات حذرة وتطورات لافتة
بدأت الجلسة بأجواء هادئة، وتم تأجيل مناقشة بند حصرية السلاح إلى المرحلة الأخيرة. وبعد إقرار عدد من البنود، ناقش المجلس موضوع السلاح وسط معادلة دقيقة تجمع بين استعادة ثقة المجتمع الدولي، وتجنب التصعيد مع "حزب الله".
وفي تطور لافت، انسحب وزيرا الصحة ركان ناصر الدين والشؤون الاجتماعية تمارا زين، المحسوبان على "الثنائي الشيعي"، من الجلسة، بينما بقي وزير التنمية الإدارية فادي مكي داخل القصر، ما اعتُبر خطوة منسّقة تهدف إلى تسجيل تحفظ دون تعطيل الجلسة.
إعلان رئيس الحكومة: خطة لحصر السلاح قبل نهاية العام
أعلن رئيس الحكومة نواف سلام، عقب جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في قصر بعبدا، أن المجلس قرر استكمال النقاش بورقة المقترحات الأميركية يوم الخميس المقبل، وتكليف الجيش اللبناني بإعداد خطة تطبيقية لحصر السلاح على الأراضي اللبنانية، تُعرض على المجلس قبل 31 آب الجاري تمهيداً لإقرارها، على أن تُنفذ قبل نهاية العام الحالي.
وأوضح سلام أن القرار يستند إلى البيان الوزاري لحكومة الإصلاح والإنقاذ، الذي شدد على التزام الدولة اللبنانية بأمن البلاد والدفاع عن حدودها، وتنفيذ القرار الدولي 1701 كاملاً من دون اجتزاء. كما أشار إلى أن الخطوة تأتي انسجاماً مع خطاب القسم لرئيس الجمهورية، ومع ما أقرّته الحكومة السابقة بشأن ترتيبات وقف الأعمال العدائية، وبعد اطلاع المجلس على ورقة المقترحات التي قدمتها الولايات المتحدة عبر الموفد توماس باراك، والتعديلات التي أُدخلت عليها بناءً على طلب المسؤولين اللبنانيين.
مقررات الجلسة: إشارات رمزية وتعيينات جديدة
تلا وزير الإعلام بول مرقص مقررات الجلسة، مشيراً إلى أن الرئيس جوزاف عون جدّد التأكيد على أهمية وحدة اللبنانيين لحل الأزمات، وأشاد بإقرار مجلس النواب عدداً من القوانين الإصلاحية.
وفي خطوة رمزية لافتة، وافق المجلس على تبديل اسم "جادة حافظ الأسد" على طريق المطار إلى "جادة زياد الرحباني"، في إشارة ثقافية وسياسية تحمل دلالات متعددة. كما أُقرّ إجراء مباراة لتعيين 25 موظفاً في سلك الإطفاء في المديرية العامة للطيران المدني.
ضغوط أميركية ومواقف متباينة
تأتي هذه القرارات في ظل ضغوط أميركية متزايدة لحصر السلاح بيد الدولة، حيث اقترح المبعوث الأميركي توماس باراك خارطة طريق تشمل انسحاباً إسرائيلياً من النقاط الحدودية المحتلة مقابل نزع سلاح "حزب الله". وقد أبدت واشنطن استياءها من بطء التقدم، مطالبة الحكومة اللبنانية باتخاذ موقف واضح وسريع.
في المقابل، يرفض "حزب الله" أي مهلة زمنية لتسليم سلاحه، مشدداً على أن السلاح يشكل ضمانة دفاعية في ظل استمرار "العدوان الإسرائيلي"، بينما أبدى انفتاحاً مشروطاً على مناقشة "الاستراتيجية الدفاعية". وتسعى الحكومة إلى التوفيق بين الضغوط الدولية ومراعاة التوازنات الداخلية، وسط انقسام سياسي حاد بين مؤيدين لحصرية السلاح، ومعارضين لأي خطوة قد تُفسّر على أنها استهداف مباشر لـ"حزب الله".
موقف "حزب الله" والضغوط الدولية
"حزب الله"، الذي تكبّد خسائر كبيرة في المواجهات الأخيرة مع إسرائيل، شدد على رفضه تسليم السلاح قبل انسحاب إسرائيل من النقاط الحدودية المحتلة، لكنه أبدى انفتاحاً على مناقشة "الاستراتيجية الدفاعية"، وهي عبارة لطالما اعتُبرت فضفاضة من قبل المراقبين.
في المقابل، يواصل المبعوث الأميركي توماس برّاك الضغط على الحكومة اللبنانية لتطبيق مبدأ حصرية السلاح، في إطار دعم دولي واسع لهذا التوجه، يُقابل بترحيب داخلي متزايد، لا سيما من قبل أحزاب "القوات اللبنانية"، "الكتائب"، و"التقدمي الاشتراكي"، الذين يشكلون خط الدفاع الأول عن هذا المطلب.
تحذير أميركي من السفر
وفي سياق متصل، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تحذيراً من السفر يشمل لبنان، إلى جانب اليمن والعراق، بسبب تصاعد المخاطر الأمنية. ودعت المواطنين الأميركيين إلى توخي الحذر والتواصل مع السفارات عند الحاجة لضمان سلامتهم.
Comments