مرجع حكومي لـ "بيروت تايمز"
استبعد أن يقدِم الوزراء الشيعة على الاستقالة وهذه الخطوة يمكن أن تدفع البلد الى الفتنة
مصادر وزارية لـ "بيروت تايمز"
الوضع الراهن مرير وقاسٍ، ويكاد يكون أصعب مما كان عليه عام 1982
مصادر دبلوماسية عربية لـ "بيروت تايمز"
مراجع رسمية تبلَّغت أن جهودًا دولية تُبذَل لتقديم دعم لـ "الدولة اللبنانية" على كل المستويات
لاحظ سكان منطقة قريطم في بيروت أن رئيس الحكومة نواف سلام ركّب عوارض حديدية وثبّت أسلاكًا شائكة حول منزله قبل جلسة الحكومة
بيروت - منى حسن - بيروت تايمز
دخل لبنان مرحلة جديدة من تاريخه السياسي، يسير فيها على حبل مشدود بين ما تبقّى من مؤسسات الدولة، وما تراكم من رموز المقاومة. إنها المرّة الأولى منذ اتفاق الطائف، تقرّ فيها الحكومة اللبنانية مبدأ حصر السلاح بيد الدولة، بما فيها سلاح "حزب الله" الذي لطالما شكّل محوراً غير قابل للمساس في المعادلة الوطنية. هذا القرار، وإن بدا إدارياً في شكله، يحمل في جوهره ملامح تحوّل عميق في النظرة إلى السيادة، والاحتكام إلى الدستور، وإعادة تعريف من يملك سلطة الإكراه على الأرض اللبنانية.
لكن المسألة تتجاوز البعد القانوني. فالسلاح في لبنان لم يكن يوماً مجرد أداة عسكرية، بل ارتبط بالهوية، بالذاكرة، وبالوجدان الجمعي لفئات واسعة من الشعب. المقاومة، كما يراها مناصروها، ليست بنداً دستورياً قابلاً للتفاوض، بل امتداداً روحياً لتاريخ من التضحيات، ومن مواجهة الاحتلال، ومن الدفاع عن الكرامة. وفي المقابل، يرى آخرون أن الدولة لا يمكن أن تنهض إلا إذا احتكرت أدوات القوة، وفرضت القانون على الجميع، دون استثناء أو ازدواجية.
المسيرات الليلية التي عمّت الضاحية الجنوبية، والجنوب، والبقاع، لم تكن مجرد رد فعل على قرار حكومي، بل كانت تعبيراً عن خوف دفين من فقدان رمزية المقاومة، ومن تهميش دورها في وجدان الناس. الهتافات، الرايات، الصور، كلها حملت رسائل تتجاوز السياسة، وتدخل في عمق الهوية. وفي المقابل، كان الجيش اللبناني حاضراً، لا كطرف في النزاع، بل كضامن للسلم الأهلي، يحاول أن يوازن بين حرية التعبير، ومنع الانفجار.
في هذا المشهد المتوتر، تبرز الحاجة إلى خطاب جديد، لا يلغي المقاومة، ولا يختزل الدولة، بل يسعى إلى المصالحة بينهما. خطاب يعترف بالوجدان، ويحتكم إلى القانون. خطاب لا يُدار بالشارع، بل يُبنى بالحوار، وبالاعتراف المتبادل، وبالعودة إلى جوهر اتفاق الطائف الذي شدد على دولة قوية، قادرة، واحدة، لا تتنازعها الساحات ولا تُدار من خارج مؤسساتها.
لبنان اليوم لا يحتاج إلى انتصار طرف على آخر، بل إلى ولادة جديدة للميثاق الوطني، تُعيد ترتيب الأولويات، وتُعيد الاعتبار للكرامة، وللسيادة، وللعيش المشترك. فهل نملك الشجاعة لنمشي على هذا الحبل المشدود دون أن نسقط في هاوية الانقسام؟.
موقف رئيس الحكومة نواف سلام
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عبّر بوضوح عن موقفه من قضية حصر السلاح، مؤكداً أن لا استقرار في لبنان إلا من خلال تطبيق اتفاق الطائف، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية.
في المقابل، واجه هذا القرار رفضاً شديداً من "حزب الله"، الذي اعتبر أن حكومة نواف سلام ارتكبت "خطيئة كبرى"، وأنها خضعت لإملاءات أميركية، متوعداً بالتعامل مع القرار وكأنه "غير موجود". الحزب رأى أن القرار يُسقط سيادة لبنان ويمنح إسرائيل اليد الطولى في تهديد أمنه، مشدداً على أن المقاومة جزء من قوة لبنان، لا يمكن التنازل عنها تحت الضغط أو التفاوض.
هذا التباين الحاد بين موقف الحكومة وموقف "حزب الله" يضع لبنان أمام اختبار ميثاقي وسيادي غير مسبوق، ويعيد طرح السؤال الجوهري: هل يمكن للدولة أن تستعيد سلطتها الكاملة دون تفكيك ما يعتبره البعض جزءاً من الهوية الوطنية؟
انسحاب وزراء الشيعة ولا استقالة حكومية
مصادر سياسية افادت الى مراسلة "بيروت تايمز" ان انسحاب الوزراء الشيعة للمرّة الثانية من مجلس الوزراء، بعد انسحابهم الأول من جلسة الثلاثاء الماضي، عرض الحكومة لاهتزاز ميثاقي. واستبعد مرجع حكومي أن يقدِم الوزراء الشيعة على الاستقالة من الحكومة لان هذه الخطوة يمكن أن تدفع البلد الى الفتنة. وفي الوقت الراهن "سيدرس الثنائي الشيعي الخطوات المقبلة، ولكن من دون الإقدام على خطوات الاستقالة وهم يعوّلون على الاتّصالات التي لم تنقطع، في محاولة لثني الحكومة عن السير بقراراتها من دون موافقتهم".
خطوات حزب الله
علمت مراسلة "بيروت تايمز" ان "الحزب" لا ينكر في دوائره الداخلية أن المواجهة قادمة، لكنه لا يرى أن أوانها قد حان بعد. وحتى ذلك الحين، سيواصل الإمساك بالعصا من الوسط، محاولًا التوفيق بين الردع والتريث، وبين التصعيد المؤجل والانخراط المرحلي، مع الإبقاء على كل الخيارات مفتوحة.
خطوات سياسية لحزب الله
أكيد أن الحزب سيدرس خطواته السياسية، مع ترجيحات بأنه سيتجه نحو التصعيد السياسي حتى صدور خطة الجيش التي سيرفض تطبيقها، مع امكانية الرد على أي ضربات إسرائيلية مباشرة. فحزب الله أعلن أنه سيتعامل مع قرار الحكومة وكأنَّه غير موجود من منطلق أن على الحكومة تنفيذ الاتفاق من الجانب الإسرائيلي أولًا، وان تعمل كأولوية باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتحرير كل الأراضي اللبنانية من الإحتلال الإسرائيلي كما ورد في بيانها الوزاري. وأوضح الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنّ المقاومة هي جزء من دستور الطائف، منصوص عليها هناك في الإجراءات التي يجب أن تتّخذ بكافة الأشكال لحماية لبنان وأنّ أيّ عملية عسكرية واسعة على لبنان ستواجه بالردّ من المقاومة والجيش والشعب.
جهود دولية
مصادر دبلوماسية عربية اكدت لـ "بيروت تايمز" ان مراجع رسمية تبلَّغت أن جهودًا دولية تُبذَل لتقديم دعم لـ "الدولة اللبنانية" على كل المستويات، وتوقعت المصادر أن تثمِر هذه الجهود بدءًا من آخر هذا الشهر من خلال اجتماعات ولقاءات على مستويات رفيعة.
انقسام محتمل
على الصعيد اللبناني، وبحسب مصادر سياسية لـ "بيروت تايمز" فهناك مخاوف من توسّع الانقسام، وصولًا إلى أزمة دستورية وميثاقية داخل الحكومة. ومع ذلك، تُؤكّد هذه المصادر أنّ الأمور لم تصل بعد إلى الحائط المسدود، وأنّ إمكانية التوصّل إلى تسوية تُرضي الجميع ما زالت قائمة، شرط أن يُدرك الجميع حجم المخاطر التي تتهدّد لبنان في حال انزلق إلى انقسام داخلي لن ينتصر فيه أحد، بل سيخسر البلد آخر فرص نجاته.
عيونٌ على الرئاسة
في خضمّ هذا المشهد المعقّد، تبقى الأنظار مشدودة إلى الرئاسة الأولى، التي لا تزال تمسك بخيط العقلانية، وتحافظ على لغة الحوار، دون أن تُغلق أبوابها في وجه أيّ طرف. وإلى عين التينة أيضًا تتّجه العيون، حيث الرئيس نبيه بري، الضامن التاريخي لتوازنات الطائفة الشيعية، والبعيد عن شعبوية النزاعات الداخلية.
الأنفاس محبوسة كذلك في انتظار الجلسة الحكومية المقبلة، التي يُفترض، حتى اللحظة، أن تُشارك فيها مكوّنات الثنائي الشيعي. لكن إن امتنعا، فماذا سيكون موقف فادي مكي، الذي بقي حينًا وغادر حينًا آخر؟ وهل تمضي الرئاستان، الجمهورية والحكومة، في مسار الحكم دون مكوّن أساسي؟ سؤال يعيد إلى الأذهان شبح الإشكالية الميثاقية التي خنقت حكومة فؤاد السنيورة ذات يوم، يوم انقسمت البلاد بين من حضر ومن انسحب، وبين من وافق ومن اعترض، وبين الشرعية والشرعية المضادّة. فمن الآن وحتى نهاية آب، وربما حتى نهاية العام، يقف البلد على مفترقٍ دقيق من تاريخه؛ مرحلة تتداخل فيها الحسابات الإقليمية بالهواجس المحلية، وتُختبر فيها إرادة الحكم، وحكمة القرار، وصلابة الدولة في وجه الانقسام.
ما يحدث اليوم ليس مجرّد خلاف سياسي عابر، بل هو اختبار وجودي لوحدة الكيان اللبناني ومؤسساته. فإما أن تنجح القوى السياسية في تحويل هذا الاشتباك إلى فرصة تسوية تحفظ الكرامات وتؤسس لحلٍ دائم، وإما أن ينزلق البلد إلى هاويةٍ جديدة لا عودة منها، حيث لا رابح ولا خاسر، بل خاسرٌ واحد: لبنان.
منطقة قريطم
لاحظ سكان منطقة قريطم في بيروت أن رئيس الحكومة نواف سلام ركّب عوارض حديدية وثبّت أسلاكًا شائكة حول منزله قبل الجلسة وتتحوف مصادر وزارية من محاصرة السرايا الحكومي وإقامة اعتصام دائم في منطقة رياض الصلح .
Comments