بيروت - منى حسن - بيروت تايمز
في لحظة إقليمية مشحونة بالتحديات والتحولات، حلّ الدكتور علي لاريجاني ضيفًا على قصر بعبدا، حاملاً معه رسائل سياسية وأمنية من طهران، ومصحوبًا بوفد ضم، السفير الايراني مجتبي اماني، المدير العام في رئاسة الجمهورية الايرانية مجتبي علي زادة، والمستشارين محمد جعفري وغلام حسين محمدي، المدير العام لدائرة غرب آسيا في الخارجية الايرانية مهدي شوشتري، الدبلوماسي المعتمد في سفارة ايران ميسم قهرماني والمترجم حميد حاجي بور.
اللقاء الذي جمعه برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لم يكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل محطة دقيقة في مسار العلاقات اللبنانية–الإيرانية، حيث عبّر لبنان عن رغبته في التعاون ضمن حدود السيادة والصداقة، مشددًا على أن الخطاب الإيراني الأخير لا يخدم هذا التوجه.
بين الكلمات المعلنة والرسائل الضمنية، بدا أن لبنان يحاول رسم حدود واضحة للتفاهم، تحفظ كرامته وتفتح الباب أمام شراكة لا تمسّ استقلاله، في وقت تتقاطع فيه مصالح الدول وتتشابك فيها النوايا.
استقبال عون - لاريجاني
ابلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الأمين العام للمجلس الأعلى للامن القومي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور علي لاريجاني خلال لقائه، أن "لبنان راغب في التعاون مع ايران ضمن حدود السيادة والصداقة القائمين على الاحترام المتبادل"، لافتا الى ان "اللغة التي سمعها لبنان في الفترة الأخيرة من بعض المسؤولين الإيرانيين غير مساعدة".
واكد الرئيس عون ان "الصداقة التي نريد ان تجمع بين لبنان وايران لا يجب ان تكون من خلال طائفة واحدة او مكون لبناني واحد، بل مع جميع اللبنانيين"، وشدد على ان "لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، مسيحيين كانوا ام مسلمين، والدولة اللبنانية مسؤولة من خلال مؤسساتها الدستورية والأمنية عن حماية كل المكونات اللبنانية".
ولفت الرئيس عون المسؤول الإيراني، الى ان "من يمثل الشعب اللبناني هي المؤسسات الدستورية التي ترعى مصالحه العليا ومصالح الدولة، واذا كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى الى تحقيق مصالحها الكبرى، فهذا شيء طبيعي، لكننا نحن في لبنان نسعى الى تحقيق مصالحنا".
أضاف: "نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة أتى، ونريد ان تبقى الساحة اللبنانية آمنة ومستقرة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين من دون تمييز. ان لبنان الذي لا يتدخل مطلقا بشؤون أي دولة أخرى ويحترم خصوصياتها ومنها ايران، لا يرضى ان يتدخل احد في شؤونه الداخلية. واذا كان عبر التاريخ اللبناني ثمة من استقوى بالخارج على الاخر في الداخل، فالجميع دفع الثمن غاليا، والعبرة التي يستخلصها اللبنانيون هي انه من غير المسموح لاي جهة كانت ومن دون أي استثناء ان يحمل احد السلاح ويستقوي بالخارج ضد اللبناني الآخر".
وشدد الرئيس عون على ان "الدولة اللبنانية وقواها المسلحة مسؤولة عن امن جميع اللبنانيين من دون أي استثناء"، واعتبر ان "أي تحديات تأتي من العدو الإسرائيلي او من غيره، هي تحديات لجميع اللبنانيين وليس لفريق منهم فقط، ولعل اهم سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين. وهذا ما نعمل له ونأمل ان نلقى التعاون اللازم، لا سيما واننا لن نتردد في قبول أي مساعدة في هذا الصدد".
وشكر الرئيس عون الدكتور لاريجاني على "مواساته باستشهاد العسكريين الستة في وادي زبقين، وحمله تحياته الى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وتمنياته له بالتوفيق وللجمهورية الإسلامية الإيرانية السلام والتقدم".
لاريجاني
الدكتور علي لاريجاني استهل اللقاء بنقل تحيات الرئيس الإيراني الى الرئيس عون، مجددا له الدعوة لزيارة طهران والرغبة في مساعدة لبنان "في مجال إعادة الاعمار". وشرح الدكتور لاريجاني موقف بلاده من "الاعتداءات الإسرائيلية التي تعرضت لها قبل اشهر"، مشيرا الى ان بلاده "ترغب في تعزيز علاقاتها مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني على كل الأصعدة"، منوها بـ"الدور الذي يلعبه الرئيس عون في تمتين الوحدة الوطنية وتوحيد الصفوف داخل الطوائف اللبنانية كافة ومع جميع مكونات الشعب اللبناني".
وجدد موقف بلاده لجهة "دعم الحكومة اللبنانية والقرارات التي تصدر عن المؤسسات الدستورية اللبنانية"، لافتا الى ان بلاده "لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، وان ما ادليت به لدى وصولي الى بيروت يعكس وجهة النظر الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية". واقترح "استحداث صندوق لاعادة اعمار المناطق التي تضررت نتيجة العدوان الإسرائيلي"، مبديا استعداد بلاده للمشاركة فيه.
واكد ان "ايران لا ترغب بحصول أي ذرة خلل في الصداقة او في العلاقات مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني، وهي راغبة في مساعدة لبنان اذا ما رغبت الحكومة اللبنانية بذلك"، وتمنى لها النجاح في مسؤولياتها.
Comments