بيروت - بيروت تايمز - اعداد وتقديم سلوى الخوري
في تطوّر أمني مقلق يعيد إلى الأذهان كوابيس سابقة عاشها لبنان مع التنظيمات الأصولية، كشفت وثيقة اتصال صادرة عن قيادة الجيش اللبناني بتاريخ 10 آب 2025، أنّ معلومات مؤكدة توافرت حول استعداد مجموعات متطرفة متمركزة داخل الأراضي السورية المحاذية للحدود الشرقية والشمالية، لتنفيذ عمليات خطف تستهدف عسكريين من الجيش اللبناني. ووفق الوثيقة، فإن الهدف الأساس من هذه العمليات هو استخدام العسكريين المختطفين كورقة ضغط لمقايضتهم بموقوفين إسلاميين داخل السجون اللبنانية.
الوثيقة، التي تسرّبت إلى الرأي العام، أظهرت بوضوح أنّ القيادة العسكرية تعاملت مع هذه المعلومات بكامل الجدية، فأصدرت أوامر مباشرة إلى الوحدات المنتشرة على الأرض وفروع الاستخبارات، بضرورة اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، وتعزيز الحراسة خصوصاً خلال ساعات الليل. كما جرى التشديد على مراقبة أي تحركات مشبوهة سواء داخل الأراضي السورية أو في العمق اللبناني، والإفادة الفورية عن أي نشاط يُثير الريبة.
هذا التحذير الأمني يعيد إلى الواجهة هواجس قديمة لا يزال اللبنانيون يتذكرونها بمرارة، حين وقعت أحداث عرسال في صيف 2014، التي انتهت بخطف عسكريين لبنانيين من قبل تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، حيث أُعدم عدد منهم فيما خضع آخرون لمفاوضات شاقة انتهت بإطلاق بعضهم. اليوم، يطلّ هذا الشبح من جديد، في ظل تزايد المؤشرات على محاولات التنظيمات المتطرفة إعادة تنظيم صفوفها مستفيدة من الفوضى السورية ومن الثغرات الحدودية.
مصادر أمنية متابعة أوضحت لـ"بيروت تايمز" أنّ الجيش اللبناني "يُدرك تماماً خطورة هذه المرحلة"، وأنه رفع منسوب الاستنفار على طول الحدود الشرقية والشمالية، مع تعزيز نقاط المراقبة والحواجز الليلية والدوريات المتنقلة. وتضيف المصادر أنّ "الجيش يعمل بتنسيق كامل مع الأجهزة الأمنية الأخرى لضمان سدّ كل الثغرات، ومنع أي محاولة تسلل قد تفتح الباب أمام عملية خطف أو هجوم مباغت".
سياسياً، يُتوقع أن تثير هذه المعطيات نقاشاً داخلياً حاداً حول ملف الموقوفين الإسلاميين، الذي ظلّ في السنوات الماضية نقطة تجاذب بين القوى السياسية والحقوقية. فبينما يطالب أهالي الموقوفين بتسريع المحاكمات وإطلاق من تثبت براءته، يرى آخرون أنّ أي تساهل في هذا الملف قد يفتح شهية المجموعات المتشددة على استغلاله مجدداً كورقة ضغط.
أما على الصعيد الشعبي، فقد أثارت المعلومات حالة قلق لدى أبناء المناطق الحدودية، خصوصاً في البقاع الشمالي حيث يتخوف الأهالي من تكرار سيناريوهات الخطف أو تسلل المجموعات المسلحة إلى بلداتهم، ما يهدد الأمن الأهلي والاستقرار الاجتماعي.
اللافت أنّ هذه التطورات تأتي في لحظة سياسية وأمنية حساسة يعيشها لبنان، حيث يواجه تحديات اقتصادية خانقة، وانقسامات داخلية، وأجواء إقليمية مضطربة. وبالتالي، فإن أي حادث أمني كبير من شأنه أن يعمّق من هشاشة الوضع الداخلي ويضع الدولة مجدداً أمام اختبار صعب في مواجهة الإرهاب.
يبقى أنّ الرسالة الأبرز التي تعكسها الوثيقة المسرّبة، هي أنّ الجيش اللبناني يقف في الخطوط الأمامية للدفاع عن البلاد، متأهباً لإحباط أي محاولة تستهدف ضرب معنوياته أو زعزعة الثقة به. وفي وقت يسود فيه القلق الشعبي، يبقى الرهان على يقظة المؤسسة العسكرية وقدرتها على إحباط المخططات قبل أن تتحول إلى واقع مرير.
صدر عن أهالي السجناء في لبنان، البيان الآتي:
بعد تداول عدد من الفيديوهات والبيانات التي تتضمن تهديدات بأعمال أمنية أو عسكرية تحت شعار حل قضية المعتقلين في سجن رومية، وبعد انتشار شائعات ووثائق اتصال أمنية مزورة تدعي نية أشخاص تنفيذ أعمال خطف واعتداء، نرغب بتوضيح الآتي:
– إن معتقلي رومية يرفضون أي خطاب يهدد السلم الأهلي في لبنان، ويعتبرونه خطاباً لا يخدم قضيتهم العادلة والأخلاقية.
– نرفض وبشكل قاطع استخدام قضيتنا العادلة كذريعة لخدمة الدعاية السياسية التي تمارسها بعض الأحزاب في لبنان لخدمة مصالحها وأجنداتها الخاصة.
– نؤكد أن كل تحركاتنا داخل وخارج السجون هي تحركات سلمية لا تنتهج العنف ولا تتبناه ولا تدعو إليه، بل تقتصر على العمل الإعلامي والاعتصامات وزيارات المسؤولين وأصحاب القرار في لبنان وسوريا.
– تصدير الشائعات والتهويل والفبركات الأمنية والإعلامية التي تصدر عن بعض الغرف السوداء هدفها التشويش على قضيتنا العادلة، ولن تمنعنا من الاستمرار بالعمل المشروع لرفع الظلم عن أنفسنا وتنفيذ مطالبنا المحقة.
ختاماً.. نتمنى على وسائل الإعلام عدم أخذ الأخبار الزائفة على محمل الجد، كما ندعوها إلى اعتماد البيانات الرسمية الصادرة عن معرفاتنا في وسائل التواصل والتي تديرها لجنة أهالي السجناء في لبنان.
Comments