بيروت – تحقيق منى حسن - بيروت تايمز
وصل الموفد الأميركي توم برّاك مساء أمس إلى مطار رفيق الحريري الدولي، ترافقه نائبته مورغان أورتاغوس، مشحونان بضغط أميركي بعدم التراجع عن نزع سلاح حزب الله، فيما يفترض أن يحملا معهما رداً إسرائيلياً على ورقة المقترحات الأميركية وملاحظات لبنان عليها، والتي في ضوئها اتخذ مجلس الوزراء قراره بحصرية السلاح بيد الدولة وفق جدول زمني.
وبعدما كان مقرّراً وصوله اليوم، فاجأ الموفد برّاك الجميع بوصوله مساء أمس إلى مطار رفيق الحريري الدولي، حيث استقبله نائب مدير المراسم في وزارة الخارجية اللبنانية القنصل رودريغ خوري.
مصادر اميركية
مصادر أميركية مطلعة قالت بعد وصوله، إنّ زيارته لبنان ترافقه مساعدته مورغان أورتاغوس «لا تأتي في سياق بروتوكولي، بل على وقع تسريبات كشفت أنّ واشنطن رفعت منسوب الضغط على لبنان إلى الحدّ الأقصى».
وذكرت هذه المصادر، أنّ برّاك وأورتاغوس قد شاركا في سلسلة اجتماعات سياسية ديبلوماسية وعسكرية عُقدت في باريس، قبل توجههما إلى بيروت، وعشية انعقاد جلسة في نيويورك اليوم مخصصة لملف التمديد لقوات "اليونيفيل" العاملة في الحنوب، وذلك قبل التصويت النهائي الأسبوع المقبل.
وقالت المصادر الأميركية، إنّ برّاك وأورتاغوس يجسّدان خطة واحدة بأسلوبين مختلفين داخل الإدارة: الأوّل أكثر ليونة، والثانية بخطاب صارم، موضحة "أنّ حضورهما المشترك اليوم هو رسالة مفادها أنّ واشنطن تريد الجمع بين الضغط والترغيب". وأكّدت أنّ زيارتهما للبنان "تأتي ردّاً مباشراً على زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، للتأكيد أنّ القرار في لبنان لا يُصاغ في طهران".
وأشارت مصادر أميركية أخرى، إلى أنّ "واشنطن تعمّدت برمجة الزيارة بعد أيّام من زيارة لاريجاني لبيروت، كإشارة واضحة إلى أنّ لبنان ساحة تنافس نفوذ مفتوحة، وأنّ واشنطن لن تترك فراغاً لإيران". وأوضحت انّ هدف الزيارة مزدوج؛ الأوّل هو الضغط على الحكومة اللبنانية لوضع خطة واضحة بآلية التنفيذ، وعلى الدولة أن تطلب من القوات الدولية مؤازرة الجيش اللبناني، استناداً إلى الفقرة 12 من القرار 1701، وعلى كل الأراضي اللبنانية إذا دعت الحاجة، مع دعم قرارات مجلس الوزارء الأخيرة في الوقت نفسه. والثاني، التأكيد أنّ ملف قوات "اليونيفيل" وتجديد ولايتها سيبقى تحت عين واشنطن، ولن يُترك للمساومة بين طهران وبيروت.
تجنّب الانفجار
إلى ذلك، وفي خضم الخلاف الداخلي الذي يبدو متفاقماً حول حصرية السلاح، والذي تسعى القوى السياسية إلى حصره بما يجنّب البلد انفجاراً سياسياً وأمنياً مريعاً، ثمة مخاوف من الخطر الداهم من وراء الحدود.
حذّرت مصادر ديبلوماسية عبر لـ "بيروت تايمز" من استغلال إسرائيل الثغرة الداخلية لتنفيذ مغامرة عسكرية لا ضدّ الحزب وحده، بل ضد مصالح الدولة اللبنانية عموماً، سعياً إلى الضغط عليها من أجل حسم الخيارات. ويمكن أن تبدأ هذه المغامرة في الجنوب لكنها تتمدّد لتشمل مناطق لبنانية عدة، كما كان الأمر في خلال حرب الـ11 شهراً. ويزيد من المخاوف تلويح إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، بالوقوف في مواجهة التمديد الروتيني لقوات الطوارئ العاملة في الجنوب. وتجزم المصادر بأن لا فرص حقيقية لاستمرار عمل هذه القوات بالشروط التي سادت على مدى عقود، لأنّ واشنطن ترغب فعلاً في تبديل الدور الذي تؤديه، ليكون أكثر فاعلية وأوسع انتشاراً، على رغم الاعتراضات اللبنانية الرسمية.
ملفان ضاغطان في زيارة الموفد الرئاسي الأميركي توماس براك ومساعدته مورغان اورتاغوس الى لبنان:
الاول: تنفيذ لبنان قرار نزع سلاح حزب الله عبر خطة تنشرها قيادة الجيش قبل نهاية اب الحالي على ان تصحب انجاز حصرية السلاح بيد الدولة قبل نهاية السنة .
الثاني: ملف التجديد للقوات اليونيفيل العاملة في لبنان قبل انتهاء ولايتها في اواخر آب ايضًا في ظل انقسام دولي حول مهمتها، ومع تزامن زيارة براك - اورتاغوس المسؤولة عن ملف اليونيفيل في الولايات المتحدة الاميركية ..
مصادر دبلوماسية اميركية اكدت لـ "بيروت تايمز" ان وزير الخارجية الأميركية مارك روبيو سيوقع الاسبوع المقبل على خطة تقضي بأنهاء عمل اليونيفيل خلال 6 اشهر وذلك لانهاء فصل طويل في مساهمة الولايات المتحدة الأميركية بتحويلها الى القوات الدولية. علما ان اجتماعات بشأن اليونيفيل تبدأ اليوم تمهيدا للتصويت عليها في مجلس الأمن الدولي الاسبوع المقبل.
الرئيس عون استقبل باراك واورتاغوس
اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون للموفد الأميركي السفير توماس براك خلال استقباله له صباح اليوم في قصر بعبدا، في حضور نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط السيدة مورغان اورتاغوس والسفيرة الأميركية في بيروت السيدة ليزا جونسون، انه بعد الموقف اللبناني المعلن حيال الورقة التي تم الاتفاق عليها، فان المطلوب الان من الأطراف الأخرى الالتزام بمضمون ورقة الإعلان المشتركة، كما ان المطلوب المزيد من الدعم للجيش اللبناني وتسريع الخطوات المطلوبة دوليا لإطلاق ورشة إعادة الاعمار في المناطق التي استهدفتها الاعتداءات الإسرائيلية. وكان الموفد الأميركي استهل اللقاء بتهنئة الرئيس عون على الإنجاز الذي حققته الحكومة اللبنانية، فشكره الرئيس عون معتبرا ان موقف الحكومة اللبنانية تعبير عن ايمان المسؤولين اللبنانيين بما يخدم مصلحة لبنان وجميع مواطنيه لان الهدف هو حماية لبنان.
السفير توماس براك
بعد الاجتماع، الذي استمر زهاء ساعة، تحدث السفير براك الى الصحافيين فقال: "كان لنا لقاء ممتاز هذا الصباح تمحور حول تهنئتنا لرئيس الجمهورية ولفريقه على الخطوات الكبيرة التي تحققت الى الامام. اننا وسط عملية، واعرف ان الكثير منكم يشعرون بالامل، كذلك نحن نشعر بالامل. وما حصل في ما يتعلق بمجلس الوزراء والوزراء والأشخاص محاولة للعودة الى المكان الذي نعرف فيه الازدهار والسلام اصبح قريبا. ولدينا امور أخرى يجب وضعها سويا وهذا يتحرك بسرعة، واعتقد اننا في الأسابيع المقبلة سنرى تقدما في نواح عديدة. ماذا يعني هذا التقدم؟ ان التقدم هو حياة افضل للجميع، للشعب وللجيران، وعلى الأقل بداية خارطة طريق لنوع مختلف من الحوار مع جميع جيراننا. وانا مع ذلك ممتن ولدينا نهار امامنا، واعتقد ان جميعكم تعلمون ان السيدة مورغان اورتاغوس عادت، اعدناها كجزء من فريقنا وهذا يشكل فرصة كبيرة مجددا، وذلك بتوصية من الرئيس الأميركي لمحاولة فعل شيء عظيم وان تعود هذه النجمة تلمع في هذه المنظومة الكبيرة في الشرق الأوسط".
سئل: بعد هذا الاجتماع والقرار اللبناني، ماذا عن الانسحاب الإسرائيلي او إيقاف انتهاك الاتفاقية ؟
أجاب: هذه هي بالتحديد الخطوة المقبلة وهي تتمثل في الحاجة للمشاركة من الجهة الإسرائيلية، كما نحتاج الى خطة اقتصادية للازدهار والترميم والتجديد لكل المناطق وليس فقط الجنوب. عندما نتحدث عن اسرئيل الامر بسيط، وعندما نتحدث عن نزع سلاح حزب الله فان الهدف من وراء ذلك هو في الواقع لمصلحة الشيعة وليس ضدهم . ان ما كان مربكا في الاعلام وفي المناقشات والمباحثات هو فكرة وجود قساوة بشكل ما . الفكرة هي ان الشيعة هم لبنانيون وهذا قرار لبناني يستلزم تعاونا من جهة إسرائيل. ونحن حاولنا مرارا وتكرارا في خلال السنوات الماضية منذ العام 1974، مرورا بالعام 1982 واتفاقية الطائف ووقف الاعمال العدائية الأولى، ولكن حصل سوء تواصل. ان وجود كل هذه المصالح الان مع اقتراح اقتصادي آت ماذا يعني؟ ما هي المصلحة للبنان بشكل عام؟ وما هي المصلحة للجنوب؟ كيف نوقف عدم فهم إسرائيل لما يحصل؟ وهذا كله في المسار الصحيح وهذه هي الخطوة التالية.
سئل: هل ستكون هناك مقاربة كاملة بعد الخطوة اللبنانية التي اشدت بها؟
أجاب: نعم هناك دائما مقاربة الخطوة الخطوة. واعتقد ان الحكومة اللبنانية قد قامت بدورها وقامت بالخطوة الأولى والان على إسرائيل ان تبادل ذلك بخطوة مقابلة أيضا.
سئل: اذا كان حزب الله ضد هذا القرار ماذا سيحصل؟
أجاب: سيكونون قد فقدوا فرصة، ولكني اعتقد ان الامر هو سياق عملي. وعندما نتحدث عن التنفيذ ماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك اننا نبدأ مباحثات طويلة، وحزب الله جزء من الطائفة الشيعية ويجب ان يعلموا ما هو الخيار الأفضل من الخيار الموجود. ومجددا تبرز أسس كيفية بناء الازدهار، فلا يمكن ان تأخذ شيئا ولا تعطي شيئا في المقابل. اذا الخطوات التالية لذلك هي بالتأكيد العمل مع الحكومة لنشرح ماذا يعني ذلك وماذا يعني ذلك للجنوب وكيف يمكن استعادة الازدهار. من سيمول ذلك، من سيشارك وما هو التسلسل خطوة خطوة، كيف نجعل إسرائيل تتعاون وكيف نجعل ايران تتعاون. في نهاية المطاف ايران ما زالت جارتنا، اذا على الجميع ان يكون له دور في ذلك وان يكون هناك تعاون وليس عدائية او مواجهة. واعتقد ان ذلك يأتي خطوة خطوة، ولكن الخطوة الكبيرة كانت بما قام به فريق رئيس الجمهورية والحكومة في اعطائنا فرصة لكي نساعد ولكي تساعد اميركا على هذا الانتقال والوصول الى علاقة اكثر هدوءا مع الجيران.
سئل: في حال رفص حزب الله نزع السلاح، كيف ستتعاملون مع ذلك، هل ستطالبون بتعليق المساعدة الدولية للبنان في حال لم تتمكن الدولة اللبنانية من تنفيذ نزع سلاح حزب الله؟
أجاب: لا يوجد أي تهديدات، في هذه المرحلة من الوقت الجميع متعاون. فيما التعامل مع حزب الله وكما قلنا دوما هو عملية لبنانية. ما حاولنا القيام به هو الارشاد او الدلالة الى بعض القدرات مع إسرائيل بشكل خاص لخلق شبكة تواصل مستقرة وذلك لمصلحة حزب الله، الشيعة و لبنان وإسرائيل. لسنا الان في مرحلة الإعلان عن أي تهديدات، ان هذا معقد، فعندما نتحدث عن نزع السلاح، ماذا يعني ذلك وكيف يحصل ذلك في وقت هم ينظرون ويقولون ما الذي نربحه نحن وكيف نحمي انفسنا. هم يقولون لدينا قوى إقليمية تحمينا، هل سيقوم الجيش اللبناني بحمايتنا وما هي المرحلة الانتقالية، وما هو المستقبل بالنسبة لنا وما هو الازدهار بالنسبة لنا؟ هذا جزء من الازدهار، اذا لا احد يفكر بالتهديد بل بالعكس.
سئل: يبدو ان اسرائيل لم تقبل بالاقتراح الأميركي كونها تستمر في اعتداءاتها على لبنان ما تعليقكم على ذلك. والسؤال الثاني ما الموقف السوري بالنسبة للاقتراح الأميركي؟
أجاب: السؤال الوحيد الذي سأجيب عليه. لم يكن هناك اقتراح أميركي لاسرائيل وهم لم يرفضوا أي شيء. ما نقوم به هو البحث أولا مع الحكومة اللبنانية، ما هو موقف الحكومة اللبنانية. ونحن في مسار ان نبحث ذلك مع إسرائيل وما هو الموقف الإسرائيلي. ليس هناك أي انتهاك غير تلك الانتهاكات التي استمرت منذ اتفاقية تشرين الثاني 2024 حول وقف الاعمال العدائية حيث يلوم كل فريق الفريق الآخر. وما نحاول ان نقوم به هو حل او تطبيق الاتفاقية التي تم انتهاكها. ليس لدينا اتفاقية جديدة وليس هدفنا خلق اتفاقية جديدة. وشكرا لكم لصبركم وفهمكم يجب ان تكونوا فخورين كثيرًا بحكومتكم، حزب الله والشيعة وجميعكم. والأفكار هي نفسها. نحن اردنا فترة استراحة ونريد حياة جديدة ويجب ان يكون لبنان اللؤلؤة اللامعة في هذه المنطقة وسيكون كذلك.
Comments