بيروت – تحقيق منى حسن - بيروت تايمز
في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري الموفد الأميركي توماس براك ونائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، بحضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون والمستشار الإعلامي للرئيس بري علي حمدان. اللقاء الذي امتد لأكثر من ساعة تناول التطورات السياسية والميدانية في لبنان والمنطقة.
الرئيس بري سأل الموفد الأميركي عن مدى التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار وانسحابها من الأراضي اللبنانية إلى الحدود المعترف بها دولياً، مؤكداً أن هذا الالتزام هو المدخل الحقيقي للاستقرار في لبنان، وفرصة لإطلاق ورشة إعادة الإعمار وعودة الأهالي إلى بلداتهم، إلى جانب ضرورة تأمين الدعم الكامل للجيش اللبناني.
بعد اللقاء، اكتفى توماس براك بالقول: "بحثنا وناقشنا ما يهم الجميع، كيف نصل إلى الازدهار في لبنان، في الجنوب والشمال وكافة أنحاء لبنان ولكل اللبنانيين". وأضاف: "لقائي اليوم مع الرئيس نبيه بري كان مع شخصية حاذقة لديه تاريخ مذهل، ونحن نتحرك في الاتجاه الصحيح".
اللقاء الأصعب للوفد الأميركي
مصادر سياسية مواكبة للزيارة أكدت لـ"بيروت تايمز" أن الجانب اللبناني أصر في مباحثاته مع الوفد الأميركي على ضرورة قيام إسرائيل بخطوة مقابلة قبل إنجاز خطة الجيش اللبناني بشأن حصر السلاح بيد الدولة. وشدد الجانب اللبناني على أن مواجهة التصعيد الإسرائيلي تتطلب تخفيف وتيرة الاعتداءات وتقديم خطوة مقابلة لما اتخذته الحكومة اللبنانية من قرارات.
وأشارت المصادر إلى أن الأجواء الإيجابية طغت على زيارة براك إلى عين التينة، رغم أن اللقاء مع الرئيس بري كان الأصعب للوفد الأميركي، نظراً لما لدى بري من مواقف واضحة حول ضرورة وقف الاستفزازات والالتزام ببنود اتفاق وقف إطلاق النار قبل أن تخرج الأمور من يد السلطة.
لقاء سلام – براك
رئيس مجلس الوزراء نواف سلام أكد خلال استقباله السفير توماس براك، ترافقه مورغان أورتاغوس والسفيرة ليزا جونسون، أن قرارات مجلس الوزراء انطلقت من المصلحة الوطنية العليا، مشدداً على وجوب قيام الجانب الأميركي بمسؤوليته في الضغط على إسرائيل لوقف الأعمال العدائية، والانسحاب من النقاط الخمس، والإفراج عن الأسرى.
كما شدد سلام على أولوية دعم وتعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية مالاً وعتاداً، بما يمكّنها من أداء مهامها، مؤكداً أهمية التجديد لقوات اليونيفيل نظراً لدورها في ترسيخ الاستقرار ومساندة الجيش في بسط سلطة الدولة في الجنوب.
لقاء براك – هيكل
استقبل قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل في مكتبه في اليرزة المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان توماس براك، بحضور نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، والسفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون، إلى جانب وفد مرافق رفيع المستوى.
اللقاء تناول الأوضاع العامة في لبنان في ظل التوترات الأمنية والسياسية المتصاعدة، وركّز على التطورات الإقليمية وتأثيراتها على الساحة اللبنانية، لا سيما في الجنوب. كما ناقش الطرفان سبل دعم الجيش اللبناني وتعزيز قدراته، في ضوء القرارات الحكومية الأخيرة بشأن حصرية السلاح بيد الدولة، حيث شدد العماد هيكل على أهمية الحفاظ على الاستقرار الداخلي ودور الجيش في حماية السيادة الوطنية.
الوفد الأميركي حمل رسائل واضحة من الإدارة الأميركية، تجمع بين الضغط السياسي والدعم المؤسساتي، وأكد على أهمية دور الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة، وعلى ضرورة التنسيق مع القوات الدولية العاملة في الجنوب وفق القرار 1701. ويأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة اجتماعات مكثفة أجراها الوفد الأميركي في بيروت، ويُعد محطة أساسية في تقييم الموقف العسكري اللبناني من التطورات الجارية، فيما فُسّر حضور براك وأورتاغوس معاً كرسالة مزدوجة من واشنطن تجمع بين الحزم والدبلوماسية، وبين الضغط والترغيب.
وصول مفاجئ ومواقف متشددة
وصل الموفد الأميركي توماس براك مساء أمس إلى مطار رفيق الحريري الدولي، ترافقه نائبته مورغان أورتاغوس، محمّلين بضغط أميركي لعدم التراجع عن نزع سلاح "حزب الله". وكان من المتوقع وصوله اليوم، لكنه فاجأ الجميع بوصوله مساءً، حيث استقبله نائب مدير المراسم في وزارة الخارجية اللبنانية القنصل رودريغ خوري.
مصادر أميركية مطلعة قالت إن زيارة براك وأورتاغوس لا تأتي في سياق بروتوكولي، بل على وقع تسريبات تفيد بأن واشنطن رفعت منسوب الضغط على لبنان إلى الحد الأقصى. وأشارت إلى أن براك وأورتاغوس شاركا في سلسلة اجتماعات سياسية ودبلوماسية وعسكرية في باريس قبل توجههما إلى بيروت، عشية جلسة في نيويورك مخصصة لملف التمديد لقوات "اليونيفيل".
وأكدت المصادر أن براك وأورتاغوس يجسّدان خطة واحدة بأسلوبين مختلفين داخل الإدارة الأميركية: الأول أكثر ليونة، والثانية بخطاب صارم، مشيرة إلى أن حضورهما المشترك هو رسالة بأن واشنطن تمزج بين الضغط والترغيب. وأضافت أن زيارتهما تأتي ردّاً مباشراً على زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، للتأكيد أن القرار في لبنان لا يُصاغ في طهران.
لبنان ساحة تنافس مفتوحة
مصادر أميركية أخرى أوضحت أن واشنطن تعمّدت برمجة الزيارة بعد أيام من زيارة لاريجاني لبيروت، كإشارة واضحة إلى أن لبنان ساحة تنافس نفوذ مفتوحة، وأن واشنطن لن تترك فراغاً لإيران. ولفتت إلى أن هدف الزيارة مزدوج: الضغط على الحكومة اللبنانية لوضع خطة تنفيذية واضحة، ومطالبة الدولة بطلب مؤازرة القوات الدولية للجيش اللبناني وفق الفقرة 12 من القرار 1701، إضافة إلى التأكيد على أن ملف "اليونيفيل" وتجديد ولايتها سيبقى تحت عين واشنطن.
تجنّب الانفجار
وسط الخلاف الداخلي المتفاقم حول حصرية السلاح، والذي تسعى القوى السياسية إلى ضبطه بما يجنّب البلد انفجاراً سياسياً وأمنياً، حذّرت مصادر ديبلوماسية عبر "بيروت تايمز" من استغلال إسرائيل للثغرة الداخلية لتنفيذ مغامرة عسكرية لا تستهدف الحزب وحده، بل مصالح الدولة اللبنانية عموماً، سعياً إلى الضغط عليها لحسم الخيارات.
أشارت المصادر إلى أن هذه المغامرة قد تبدأ في الجنوب وتمتد إلى مناطق لبنانية عدة، كما حدث خلال حرب الـ11 شهراً، خصوصاً في ظل تلويح إسرائيل، بدعم أميركي، بالوقوف في وجه التمديد الروتيني لقوات الطوارئ العاملة في الجنوب. وأكدت أن واشنطن ترغب فعلاً في تبديل دور "اليونيفيل" ليكون أكثر فاعلية وأوسع انتشاراً، رغم الاعتراضات اللبنانية الرسمية.
Comments