بيروت – منى حسن – بيروت تايمز
أكد الدكتور أحمد الريّس، الباحث الأكاديمي والمحاضر في مجال علوم المختبرات الطبية، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد فكرة من وحي الخيال العلمي، بل أصبح واقعاً يحيط بنا في مختلف تفاصيل حياتنا اليومية. وقال في حوار خاص مع "بيروت تايمز" إن الذكاء الاصطناعي يحمل فوائد هائلة للبشرية إذا ما تم توجيهه وتطويره بمسؤولية وشفافية.
الدكتور الريّس حاصل على بكالوريوس في العلوم بتخصص المختبرات الطبية، وماجستيرين في علوم المختبرات الطبية والإدارة، وهو حالياً طالب دكتوراه في جامعة باريس للخريجين ومعهد المعرفة والابتكار في فرنسا، حيث ينجز أطروحته حول توظيف الذكاء الاصطناعي في المختبرات الطبية. كما يعمل محاضرًا في جامعة البلمند – كُلِّيَّة العلوم الصحية، ومساعد باحث في الجامعة الأميركية في بيروت.
الذكاء الاصطناعي: من الخيال إلى كل بيت
يرى الدكتور الريّس أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، قائلًا: "لقد انتقل بسرعة من الخيال إلى الواقع. اليوم نراه في كل مكان، من توصيات نتفليكس وسبوتيفاي إلى الخوارزميات التي تقود السيارات ذاتية القيادة. الذكاء الاصطناعي يمنح الآلات القدرة على أداء مهام كانت تتطلب ذكاءً بشرياً، وهو ما يغير طريقة عملنا وتواصلنا مع التكنولوجيا وحتى نظرتنا لأنفسنا".
فوائد غير مسبوقة
يشير الريّس إلى أن للذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في مختلف القطاعات:
-
في العمل والإنتاجية: يستطيع التعامل مع المهام الروتينية والمكررة مثل إدخال البيانات أو خدمة العملاء، ما يتيح للبشر التفرغ لمهام أكثر إبداعاً وتعقيداً، ويزيد الإنتاجية ويخفض التكاليف.
-
في تحليل البيانات: يمكنه تحليل كميات هائلة من المعلومات بسرعة تفوق البشر، مما يتيح اكتشاف الأنماط والتنبؤ بالنتائج، خصوصاً في المجالات المالية والبحث العلمي.
-
في الرعاية الصحية: يحدث ثورة حقيقية عبر دعم الأطباء في تشخيص الأمراض بدقة أكبر، التنبؤ بالمخاطر الصحية، واقتراح خطط علاج شخصية. كما أثبتت الجراحة الروبوتية قدرتها على تحقيق نتائج دقيقة في بعض العمليات.
-
في التعليم: يخصص المحتوى للطلاب، ويقوم بالتصحيح الآلي، ويتيح أساليب تعلم تفاعلية ومتقدمة.
-
في معالجة اللغات والنقل: يوفر التَّرْجَمَةً الفورية وتسهيل التواصل عبر اللغات، بينما تعد السيارات ذاتية القيادة بتحسين السلامة وتقليل الازدحام.
تحديات ومخاطر
ورغم هذه الفوائد، يحذر الريّس من مخاطر الذكاء الاصطناعي إذا أسيء استخدامه أو تم توظيفه بلا ضوابط:
-
فقدان الوظائف: التطور السريع قد يؤدي إلى اختفاء العديد من الوظائف التقليدية.
-
التحيز والتمييز: إذا كانت البيانات المستخدمة في تدريب الأنظمة متحيزة، فإن الذكاء الاصطناعي سيعكس هذه التحيزات، وهو أمر خطير في التوظيف والإقراض والعدالة الجنائية وحتى الرعاية الصحية.
-
انتهاك الخصوصية: الاعتماد على البيانات الضخمة، خصوصاً تلك الحساسة، يثير مخاوف بشأن الخصوصية وأمن المعلومات.
-
التحديات الأخلاقية: كثير من الخوارزميات تعمل كـ"صناديق سوداء"، ما يجعل من الصعب فهم كيفية اتخاذها للقرارات أو تحديد المسؤولية عند وقوع الأخطاء.
الحل: التطوير المسؤول
يشدد الريّس على أن الحل يكمن في "التطوير المسؤول" الذي يجمع بين السياسات الواضحة والتعاون بين صانعي القرار والمهندسين وعلماء الأخلاق والمجتمع ككل. ويقول: "نحن بحاجة إلى أطر تنظيمية وأخلاقية واضحة تعتمد الشفافية والمساءلة والعدالة. إذا نجحنا في ذلك، سيكون الذكاء الاصطناعي أداة لتحسين المجتمع في الصحة والتعليم والنقل وغيرها، أما إذا تجاهلنا هذه المخاطر، فقد نعزز عدم المساواة وربما نفقد السيطرة على الأنظمة نفسها".
يختم الدكتور الريّس حديثه برسالة تحذيرية وأملية في الوقت ذاته: "نحن في لحظة حاسمة من التاريخ. الذكاء الاصطناعي قادر على تحسين جودة حياتنا بشكل غير مسبوق، لكن ذلك يتطلب توجيهاً صحيحاً قائمًا على الشفافية والتعاون وسياسات شاملة. الخيار بأيدينا؛ إما أن نجعله أداة للتقدم أو مصدر خطر".
تؤكد "بيروت تايمز" التزامها الدائم بتسليط الضوء على قضايا الابتكار والتكنولوجيا، ومواكبة كل التطورات التي تمس حياة الأفراد والمجتمعات. فمن خلال هذا الحوار مع الدكتور أحمد الريّس، تجدد الصحيفة رسالتها في نقل المعرفة وتقديم تحليلات معمقة تساعد القرّاء على فهم التغييرات المتسارعة في العالم الرقمي، بما يساهم في بناء وعي مسؤول يدعم استثمار الذكاء الاصطناعي كقوة تقدم للبشرية جمعاء.
Comments