bah أين تتجه سوريا بعد أزمة السويداء؟ - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

أين تتجه سوريا بعد أزمة السويداء؟

08/28/2025 - 12:59 PM

Atlas New

 

 

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب

منذ تحول الثورة السورية إلى العمل العسكري بعدما استبعد النظام السابق خيار التفاوض واستخدم القوة المفرطة في قمع المظاهرات السلمية عام 2011، شهدت البلاد طفرة في تشكل الفصائل المسلحة، إحدى أكبر الفصائل حركة أحرار الشام تجمع بين الجهادية والإخوانية بأجندات متعددة، لكنه اول فصيل يجمع بين دمج الجهادية والمحلية وغيرت اسمها من هيئة تحرير الشام التي تؤمن بالجهادية العالمية ابان تبعيتها للقاعدة، وفكت ارتباطها بالقاعدة في يوليو 2016، ومن قبل أعلنت انشقاقها عن داعش في ربيع 2013 كانت الفصيل الأقوى في محافظة دير الزور من حيث القدرات القتالية، وانسحبت إلى محافظة إدلب وفرضت نفسها بعد معركة حلب أواخر 2016، وتشكيل هيئة تحرير الشام في فبراير 2017.

سبق أن راجعت نفسها بعد 9 سبتمبر 2014 عندما قتل قادتها في تفجير استهدف اجتماعا لمجلس شورى الحركة بريف إدلب أودى بحياة قائد الحركة أبو عبد الله الحموي ونحو أربعين آخرين من القياديين، لتبدأ مرحلة التراجع التدريجي في القوة والنفوذ، ومن أبرز الفصائل الكبرى التي تميزت بالقوة والنفوذ والقبول الشعبي جبهة النصرة التي تأسست في 21 يوليو 2012 وكانت فصائل أخرى كبيرة تنافسها مثل أحرار الشام، وجيش الإسلام، ولواء التوحيد، وزادت تحرير الشام نفوذا وقوة عام 2019 بعد موجة قتال مع حركة أحرار الشام، وحركة نور الدين زنكي، وفصائل أخرى حتى سيطرت على كامل إدلب إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظة حلب وحماة واللاذقية.

هذا النجاح الذي حققته هو استقلالية القرار الذي يتمتع به القائد أحمد الشرع، بالإضافة إلى الانضباط العالي والتزام العناصر والقادة بقرارات القيادة، وثقة بناها أحمد الشرع مع العناصر والقادة، وهذا عزز الثقة ومكانته بينهم وداخل التنظيم، بعكس بقية الفصائل الأخرى التي كانت تتسم بالفوضى وارتجال قراراتها وتتصف بطابع مناطقي وأحيانا العائلي، لكن أحمد الشرع التزم بخطاب وطني والحديث عن سوريا كاملة، وخبرته العملية اكتسبها في سوريا، بخلاف الائتلاف الوطني السوري الجناح السياسي للمعارضة المسلحة والمخول بالتفاوض قبل سقوط النظام، فقد تشكل بدعم وغطاء تركي إقليمي، ما جعل ولاءات معظم الشخصيات والمجموعات داخله مقيدة بالدول التي ساهمت في إنشائه، فيما كانت قناعة الدول الإقليمية والمجتمع الدولي بقيادة أحمد الشرع كبديل لنظام بشار الأسد الذي تمكن أحمد الشرع من تحقيق متطلبات السيادة السورية.

تتسارع الحركة الدبلوماسية الأميركية باتجاه دمشق مع اقتراب انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أواخر سبتمبر 2025 المنتظر أن يشارك الرئيس السوري أحمد الشرع، بهدف إحداث اختراق دبلوماسي جديد في الشرق الأوسط عبر الدفع نحو إعلان تفاهمات أمنية بين إسرائيل وسوريا كأولوية لدى أميركا، قد تشتبك مع ملفي شرق وشمال سوريا والسويداء كما يرى البعض يعقد تلك المساعي، فيما أكد مدير إدارة الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السورية قتيبة إدلبي أن لا مجال لأي حلول تنتقص من سيادة الدولة أو تؤدي إلى تقسيمها.

وكان لقاء الرئيس أحمد الشرع في 26 سبتمبر 2025 مع عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيو هامبشاير وعضو لجنة العلاقات الخارجية والنائب جو ويلسون عضو مجلس النواب عن ولاية ساوث كارولاينا ومبعوث الرئيس الخاص السفير توماس براك حيث تدفع الولايات المتحدة نحو تفاهمات بين إسرائيل وسوريا في ظل تسريبات عن وجود مباحثات متقدمة في هذا الشأن، تزامنت مع مطالبة الهجري بانفصال محافظة السويداء عن سوريا.

هدف اللقاء إلى خفض التصعيد في الجنوب، وتثبيت اتفاق وقف الاشتباك لعام 1974، ومنع أي خروقات تمس السيادة السورية، وفيما يتعلق بالجانب الإنساني إن المساعدات تمر عبر دمشق واستجابت دمشق في نفس الوقت إلى النداءات الصادرة عن أبناء الجولان لإيصال المساعدات إلى ذويهم في السويداء، وهو شان سيادي لا علاقة لأي طرف خارجي به.

وصرح المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس براك عقب لقائه في دمشق إن سوريا الموحدة والمستقرة والمزدهرة تتطلب تمثيلا من الجميع ومن أجل الجميع، وأكد في منشور له على منصة إكس أن الحوار هو الطريق لتجاوز الخلافات وليس العنف، فيما سوريا تؤمن بالتطوير المستمر لقانون الإدارة المحلية بما يضمن مشاركة أوسع للمواطنين في إدارة شؤونهم، ولكن ذلك يتم حصرا تحت سقف الدولة السورية ومؤسساتها، وبما يعزز وحدة سوريا أرضا وشعبا، وهو ردا على صحيفة واشنطن بوست قد نقلت عن براك قوله إن على السوريين التفكير في بدائل للنظام المركزي الشديد بعد أحداث العنف في السويداء، مشيرا إلى أنه ليس المطلوب إقامة نظام فيدرالي كامل، بل صيغة أقل حدة تضمن لجميع المكونات الحفاظ على هويتها وثقافتها ولغتها، بعيدا عن أي تهديدات أيديولوجية أو تطرف ديني.

 

* أستاذ الجغرافيا السياسية والاقتصادية بجامعة أم القرى سابقا

            Dr_mahboob1@hotmail.com

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment