تحقيق سياسي - اخباري خاص
___________________________________________
مصادر وزارية لـ "بيروت تايمز"
تتكثف الاتصالات السياسية الهادفة إلى خفض منسوب التوتر وتهيئة الأرضية لتفاهمات ممكنة لعقد الجلسة الوزارية بحوار هادئ وتوافقي
مصادر سياسية لـ "بيروت تايمز"
الرئيس بري هو في الموقع القادر على لعب الدور المانع للانفجار، لكنه يواجه ّ تحديات عنيفة
مصادر في الثنائي الشيعي لـ "بيروت تابمز"
بري اوصل رسالة قبل جلسة الجمعة المقبلة، ومفادها انه لن يصوت مع اي خطة عسكرية لحصر السلاح ما دام الطرف الاسرائيلي لم ينفذ أيّا من التزاماته
بيروت - منى حسن - بيروت تايمز
يعيش لبنان على صفيح ساخن على كافة الأصعدة في ظل الاستحقاقات الداهمة المقبلة ابرزها جلسة مجلس الوزراء المقبلة المخصصة لمناقشة خطة قيادة الجيش بشأن حصرية السلاح، وتمهيدًا لجلسة مجلس الوزراء المرتقبة يوم الجمعة، وعلمت "بيروت تايمز "من مصادر وزارية ان الاتصالات السياسية تكثفت في الساعات الأخيرة الهادفة إلى خفض منسوب التوتر وتهيئة الأرضية لتفاهمات ممكنة.
واشارت المصادر الى أن المناخ العام يوحي بوجود فرصة حقيقية لإقرار الخطة بعيداً عن السجالات الحادة، لا سيما مع انحسار احتمالات تحويل الجلسة إلى ساحة صراع سياسي قد يدفع البلاد نحو منزلق خطير. لكن المعطيات لا تخلو من عناصر تعقيد.
واكدت مصادر رئاسية لـ "بيروت تايمز" أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون يلعب دوراً محورياً في تبريد الأجواء عبر تواصله المستمر مع القوى المعنية. فهذه الاتصالات أسهمت في تهيئة مناخ إيجابي يضمن مشاركة كل القوى في الجلسة، بما في ذلك الوزراء الشيعة.
كلمة بري محطة فاصلة
كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، مثلت محطة فاصلة في الأزمة الداخلية الناجمة عن قراري الحكومة في 5 و7 آب، حول قبول ورقة المبعوث الأميركي توماس باراك ووضع جدول زمني لنزع سلاح المقاومة، حيث تابع الداخل والخارج كلمة برّي الذي اعتبر أن رفض حكومة الاحتلال لمبدأ خطوة مقابل خطوة ومجاهرة نتنياهو بالعمل على إقامة إسرائيل الكبرى ما يعني احتلال كل لبنان ، يسقط الورقة، ويمنح الحكومة فرصة التراجع، لجعل الحوار حول استراتيجية للدفاع الوطني إطاراً للبحث في سلاح المقاومة، مؤكداً أن هذا الموقف هو الأكثر انسجاماً مع خطاب القسم والبيان الوزاري من قرارات جلستي 5 و7 آب.
بري وتدوير الزوايا
تحل براعة رئيس مجلس النواب نبيه بري في تدوير التعابير وإلباسها لباس المرونة، هذه المرة في إخفاء ما صار معلوماً من أن موقف "الثنائي الشيعي" من الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء الجمعة في الخامس من أيلول، لن يكون أقل سخونة وتصعيداً من جلستي 5 و7 آب الماضي. وإذ انتظرت القوى السياسية داخل الحكومة وخارجها كلمة بري في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه أمس لتبين مسار الانتظار في الأيام القليلة الفاصلة عن جلسة الجمعة التي سيطّلع خلالها مجلس الوزراء على خطة قيادة الجيش لتنفيذ قرار حصرية السلاح في يد الدولة، اتضح وفق المعطيات التي أعقبت إلقاء بري لكلمته أن "كثيرين" من أهل السلطة والسياسة كانوا على بيّنة من جوهر الكلمة، لجهة طرح "الحوار التوافقي" مجدداً مسلكاً شكلياً وتسووياً لمسألة سلاح حزب الله.
غير أن هذا الطرح لم ينزل برداً وسلاماً على أهل العهد والحكومة وغالبية مكوّنات الحكومة الذين لم يوفرهم بري ضمناً من الاتهامات بتجاوز الميثاقية واستباحة الدستور، للاعتبارات الآتية: إن الرئيسين جوزف عون ونواف سلام كانا يدركان أن بري سيعتمد طرح الحوار بما يعني ضمناً نسف قراري مجلس الوزراء السابقين أو أقله تعليقهما والشروع في آلية مجربة هي في الواقع تجاوز لقرار مجلس الوزراء وليس العكس كما ورد في كلمة بري. هذا الإدراك دفع عون وسلام إلى تأجيل جلسة مجلس الوزراء إلى الجمعة المقبل بدل غدٍ الثلاثاء لمزيد من الإفساح أمام المشاورات الهادئة عقب زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري والوزير فادي مكي لعين التينة.
مد الجسور
دعوة بري إلى مدّ جسور الحوار وقطع الطريق على الحرب الأهلية التي يلوّح بها البعض ويدفع باتجاهها من خلال الإيقاع بين الجيش والمقاومة لم تخف السقف السياسي العالي الذي ميّز إطلالته. وعلمت "بيروت تايمز" ان الرئيس بري ابلغ من يعنيهم الامر أن وزيرَيْ حزب الله سيقاطعان الجلسة حكماً، فيما وزراء حركة أمل سيغادرونها. وهو ما دفع الوزير متري ومعه الحلقة الوزارية الضيقة المحيطة بسلام إلى النصح بتأجيل الجلسة حتى الجمعة المقبل لإعطاء وقت لمزيد من المشاورات.
وقالت مصادر متابعة إن الرهان اليوم بات على محاولة الحكومة حفظ ماء وجهها الوطني بالحد الأدنى، عبر إعلان تجميد العمل بقرار نزع السلاح بحجة غياب أي موافقة إسرائيلية عليه، مع إبقاء الجيش مكلّفاً بإعداد خطته، وإلّا، فإن الأمور قد تنحو نحو مسارات لا يرغب أحد في بلوغها، في ظل قطيعة قائمة بين الثنائي الشيعي من جهة، ورئاستَي الجمهورية والحكومة.
التراجع عن القرار
من جهة ثانية، يرفض الثنائي أي بحث قبل التراجع عن القرار الخطيئة، فيما لا يبدو أن أركان السلطة راغبون أو قادرون على التراجع عنه. وكانت الجلسة التي جمعت متري والوزير فادي مكي مع الرئيس بري قبل يومين وضعت تفاهماً بالحدّ الأدنى للوصول إلى موقف لبناني جامع في الجلسة الحكومية المقرّرة الجمعة، لحماية الحق اللبناني والتأكيد على تمسّك لبنان بمواقفه وثوابته بعدما التزم بكل مندرجات وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024، بما فيها صدور قرار رسمي عن الحكومة بحصر السلاح.
مصادر صحفية وصفت على صلة كلمة الرئيس بري بالمتوازنة والهادئة، والتي حددت إطار التعاطي من قبل وزراء "الثنائي الشيعي" في جلسة الجمعة. وقالت أن رئيس المجلس قدم اقتراحاً ضمنياً لايجاد حل يجمع بين "حصرية السلاح" واستراتيجية الامن الوطني لاحتوائه.. وقالت مصادر سياسية مطلعة ان كلام الرئيس بري لا يعني في اي حال من الأحوال ان جلسة مجلس الوزراء المخصصة للبحث في خطة الجيش ستكون بحكم الملغاة، اذ انها ستعقد في موعدها، مشيرة الى انه لم يكن في إمكانه الا الحديث عن حوار حول سلاح حزب الله ما فهم انه يعارض توجه الحكومة.
واشارت المصادر الى انه يفترض صدور ردات فعل بشأن كلام رئيس المجلس حول الإستراتيجية الدفاعية وما اذا كان يعني ان ملف سلاح حزب الله سيحال الى حوار كما هو متعارف عليه.
الى ذلك رفضت هذه المصادر التكهن بما قد تتضمن خطة الجيش واشارت الى انها متكاملة وقد تكون الحاجة الى اكثر من جلسة لمناقشة بعض بنودها التي سيتولى قائد الجيش شرحها لانها عبارة عن رؤية قيادة الجيش.
وقالت مصادر الثنائي الشيعي ل"بيروت تايمز ان بري أوصل لمن يعنيهم الامر ، جوابا حاسما قبل جلسة الجمعة المقبلة، ومفاده انه لن يصوت مع اي خطة عسكرية لحصر السلاح ما دام الطرف الاسرائيلي لم ينفذ أيّا من التزاماته.
واكدت مصادر متابعة لهذا الملف لـ "بيروت تايمز" الى ان الاتصالات الجارية والمكثفة والمواقف المعلنة تؤشر الى ان الوضع لا يزال على حاله، وتفيد المعطيات "ان مجلس الوزراء سيناقش عملياً في جلسته يوم الجمعة المقبل، خطة عامة للجيش لسحب السلاح ولاستكمال انتشاره في الجنوب، لكن من دون مفاعيل تنفيذية على الارض الى حين حصول توافق سياسي شامل وجامع على الخطة، وحصول الضغط الاميركي على اسرائيل لتنفيذ عدة خطوات وليس خطوة واحدة في مقابل خطوات لبنان الكثيرة التي نفذت حتى الآن".
وبحسب المعلومات فان خطة الجيش متكاملة وقد تكون الحاجة الى اكثر من جلسة لمناقشة بعض بنودها التي سيتولى قائد الجيش شرحها لانها عبارة عن رؤية قيادة الجيش.
وتشدّد مصادر سياسيّة على أن الجلسة الحكومية المرتقبة تبدو محصورة بين خيارين متناقضين: الأول يقوم على تمرير خطة الجيش شكلياً من دون الدخول في آليّة تنفيذ، بانتظار خطوة إسرائيلية توقف الأعمال العدائية أو انسحابها من بعض النقاط المحتلة، ما يعني عملياً تجميد الملف لتفادي انفجار داخلي. أما الثاني، فيرتكز على إقرار الخطة رسميّاً رغم انسحاب وزراء الثنائي الشيعي، وهو مسار محفوف بالمخاطر لأنه يضع الجيش في مواجهة مباشرة ويعمّق الانقسام السياسي، ما يجعل البلد أمام مفترق حاسم بين التهدئة أو التصعيد.
قال مصدر وزاري لـ "بيروت تايمز" إن الوزراء الشيعة سيقولون كلمتهم في الخطة، ويفضلون عدم ربط حصرية السلاح بتحديد جدول زمني لتطبيقها، وأن يُترك الأمر لقيادة الجيش لأنها الأعلم بإمكاناته وقدراته التي لا نشكك فيها، وهي تعرف طبيعة الأرض جيداً وبحاجة إلى تدقيق ما هو فوق الأرض وتحتها من منشآت وبنية عسكرية لـحزب الله، أسوة بما حصل في جنوب الليطاني، وبالتالي لا مصلحة لحشر قيادته منذ الآن بتوقيت معين لسحب السلاح".
خلفيات كلمة بري
من يقرأ في خلفيات كلام بري يلمس ثقل أحمال المرحلة مع سعيه لتفادي دفع فواتير مجانية تضاف إلى فواتير الحرب، وانه في الموقع القادر على لعب الدور المانع للانفجار، لكنه يواجه ّ تحديات عنيفة.
جلسة الحكومة بحوار هادئ
مصادر حكومية لـ "بيروت تايمز": جلسة الجمعة ستكون مفصلية بحوار هادئ وتوافقي ومجلس الوزراء سيناقش عملياً خطة عامة للجيش اللبناني لسحب السلاح ولاستكمال انتشاره في الجنوب لكن من دون مفاعيل تنفيذية على الأرض إلى حين حصول توافق سياسي شامل وجامع على الخطة.
منطقة ترامب الاقتصادية
تتساءل بعض الاوساط اللبنانية هل منطقة ترامب الاقتصادية قابلة للتنفيذ وكيف تنعكس على لبنان وتفيد المعلومات عن مشروع إقامة هذه المنطقة في جنوب لبنان. وهناك مخاوف من تحوّله الى مشروع تهجيري… قد تكون منطقة تكنولوجية صناعية وهذا هام خصوصاً أنّ هذه المنطقة غنية بالغاز وبالتالي فإنّها تؤمن مناطق لتكرير الغاز وتُصبح عملية إمداد النفط والغاز إلى أوروبا أو المرافق المعتمدة متوفرة.
ولكن لا بدّ للمناطق الاقتصادية أن يكون فيها استقرار أمني وسياسي كي تنجح وتكون قابلة للتنفيذ، فهل ينطبق ذلك على الجنوب
التصعيد الإسرائيلي وحزب الله
حزب الله يتعامل مع مخاطر تجدد التصعيد الإسرائيلي باعتبارها جدية وواقعية، رغم أن المؤشرات المنطقية توحي بتراجع احتمالات المواجهة المباشرة بعد انشغال الجيش الإسرائيلي بالعملية العسكرية الكبرى في مدينة غزة.
مصادر مطلعة أشارت لـ "بيروت تايمز" إلى أن الحزب يقرأ التطورات بدقة، خصوصًا في ظل الحديث المتزايد عن احتمال توجيه ضربة جديدة لإيران، ما قد ينعكس تلقائيًا على الساحة اللبنانية .
ورغم هذا التقدير، فإن الحزب يضع كل السيناريوهات في حساباته، ويتعامل مع المرحلة بحذر وترقب، خشية أن يؤدي أي تطور مفاجئ إلى إعادة خلط الأوراق وفتح جبهة الجنوب مجددًا.
Comments