bah خطة الجيش اللبناني لحصرية السلاح: بين الدعم الدولي وضغوط السيادة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

خطة الجيش اللبناني لحصرية السلاح: بين الدعم الدولي وضغوط السيادة

09/02/2025 - 17:44 PM

Bt adv

 

 

بيروت - بيروت تايمز - اعداد الاعلامي جورج ديب

 

أقر مجلس الوزراء مؤخراً مرسوماً حكومياً يلزم الجيش اللبناني بتنفيذ خطة لحصرية السلاح خلال 120 يوماً، بدعم من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل). تتولى يونيفيل تأمين المناطق الحدودية والإشراف على مراكز التفتيش المشتركة، بينما ينشر الجيش عناصره تدريجياً في خمس محافظات جنوبية وشرقية، حيث تُقسّم البلاد إلى خمس قطاعات مراقبة تضم في كل منها مركز تفتيش يضم ضباطاً من الجيش والأمم المتحدة.

تشترط الخطة ثلاث بنود رئيسية لضمان نجاحها. أولاً، التزام إسرائيل الكامل بوقف أي خرق لقراري مجلس الأمن 1701 و1559 وضغط دولي لانسحاب القوات من خمسة مواقع حدودية. ثانياً، نقل جميع مخازن الأسلحة غير الرسمية من الأحياء السكنية إلى قواعد عسكرية رسمية تحت إشراف الجيش، مع تفكيك أنظمة تخزين الأسلحة الثقيلة في المناطق الجبلية. ثالثاً، حظر استخدام السلاح في أي صراع داخلي أو طائفي، وإخضاع جميع الحاملين غير الرسميين لآلية تسجيل أمني في قاعدة بيانات مركزية تُدار مشترَكَةً بين الجيش ويونيفيل، تشمل تدقيقاً جنائياً وخلفيات أمنية لكل سلاح قبل تسليمه.

تدير قيادة الجيش غرفة عمليات مركزية في مقرها العام، تستقبل تقارير ميدانية دورية من مراكز التفتيش الخمسة، وتنسق تعبئة فرق هندسية لإزالة الأنقاض وإعادة تأهيل البنى التحتية في المناطق التي ينُزع منها السلاح. وتُعِدّ لجنة مشتركة من وزارة الدفاع ووزارات الشؤون الاجتماعية والداخلية آلية لمعاقبة أي جهة تعرقل الخطة، تشمل إجراءات قضائية وحظر تمويل خارجي.

على الرغم من هذه الآليات، انسحب وزراء حزب الله وحلفاؤهم من جلسة الحكومة احتجاجاً على إدراج الخطة، معتبرين أنها تنتقص من دور “المقاومة” في حماية لبنان. ويحذر ضباط في الجيش من صعوبات لوجستية في تفكيك مخازن الحزب الموزعة بين المغاور الجبلية ومنع وقوع المواجهات عند تطبيق نقاط التفتيش. وتبدي أوساط سياسية خشيتها من تشابك الملف مع مسائل تعويم الدعم الخارجي، خصوصاً أن بعض الدول تربط مساعداتها بإثبات قدرة الدولة على حصر السلاح.

في موازاة ذلك، أثار العقد الأخير مع شركة التدقيق الأميركية K2 Integrity شبهات حول صلاحية الهيئات الرقابية، بينما يتهيأ المسؤولون لزيارة وزارية سورية قريبة لبحث ملف النازحين والتعاون الأمني، ما يعكس تداخل الملفات الداخلية مع الحسابات الإقليمية. وتبقى مزارع شبعا مطروحة في تقارير إسرائيلية عن مقايضات سابقة مع دمشق، مما يزيد سقف التساؤلات حول أولويات الانتقال السياسي والأمني في لبنان.

حتى الآن، تبدو الخطة مدعومة رسمياً ولكن مقيدة بشرطين: تراجع حزب الله عن مواقفه الانسحابية ومنح اليونيفيل هوية قانونية للتفتيش داخل القرى، وإلا ستتحول المبادرة إلى جولة جديدة من الحجج السياسية قبل الوصول إلى أي تطبيق فعلي. في بلد تختلط فيه الولاءات بالجبال، يبقى السؤال الأكبر: هل يستثمر الجيش الثقة المتبقية به لإعادة سيطرة الدولة على السلاح، أم أن الخطة ستلتحق بأرشيف المبادرات التي توقفت عند عتبة المناكفات طائفية وسياسية؟

أما على خط العلاقة مع سوريا، فتلوح في الأفق زيارة وزارية مرتقبة، تهدف إلى تنسيق ملفات النازحين والتعاون الأمني. لكن هذه الزيارة، وإن كانت تقنية في ظاهرها، تحمل في طياتها رسائل سياسية تتقاطع مع مواقف متباينة داخل الساحة اللبنانية، بين من يرحب بأي انفتاح على دمشق، ومن يرفض التطبيع قبل حلّ سياسي شامل في سوريا.

وفي خلفية كل ذلك، تعود مزارع شبعا إلى الواجهة، ليس من بوابة المقاومة هذه المرة، بل من تقارير إسرائيلية تتحدث عن مفاوضات سابقة مع دمشق. فهل يعاد رسم الحدود الإقليمية على حساب السيادة اللبنانية، أم أن هذه التسريبات تهدف إلى خلط الأوراق في لحظة دقيقة؟

لبنان اليوم يقف عند مفترق طرق: بين ملفات لا تُحسم، وحكومات لا تُحاسب، وشعب ينتظر ما لا يأتي. لكن وسط هذا الضباب، تبقى الحقيقة واضحة: لا إصلاح بلا قرار، ولا قرار بلا إرادة، ولا إرادة بلا استقلال سياسي حقيقي.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment