دمشق - أفادت وسائل إعلام سورية، مساء الأربعاء، بوقوع انفجار قوي هزّ العاصمة دمشق، وتحديدًا حي المزة 86، أحد أبرز الأحياء السكنية غرب المدينة، ما أثار حالة من القلق بين السكان، خاصة مع تكرار الحوادث الأمنية في المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة.
تفاصيل الحادث
الانفجار وقع عند مدخل حي المزة 86، ودوّى صوته في مختلف أرجاء الحي، ما دفع الأهالي إلى الخروج من منازلهم وسط حالة من الذعر.
وزارة الداخلية السورية أعلنت أن الانفجار ناجم عن عبوة ناسفة استهدفت أحد عناصر الأمن الداخلي، مؤكدة عدم وقوع أي خسائر بشرية.
قائد الأمن الداخلي في محافظة دمشق، العميد أسامة محمد خير عاتكة، أوضح أن وحدات الأمن استجابت على الفور، وطوّقت الموقع بالكامل، وبدأت تحقيقًا عاجلًا لتحديد الجهة المسؤولة عن هذا "العمل الإرهابي".
تشير حادثة الانفجار في حي المزة 86 بدمشق إلى تصاعد مقلق في وتيرة الهجمات الأمنية التي باتت تستهدف العاصمة السورية بشكل متكرر، في وقت تعاني فيه البلاد من هشاشة أمنية وسياسية متزايدة. ورغم أن وزارة الداخلية السورية أكدت أن الانفجار نجم عن عبوة ناسفة استهدفت أحد عناصر الأمن الداخلي دون وقوع خسائر بشرية، إلا أن دوي الانفجار الذي سُمع في مختلف أرجاء الحي أثار حالة من الذعر بين السكان، خاصة أن المزة تُعد من المناطق ذات الطابع الأمني، وتضم مقار حكومية وسكنًا لعناصر من الجيش والأجهزة الأمنية.
هذا الحادث لا يمكن فصله عن السياق الأوسع لتصاعد الهجمات المسلحة في دمشق ومحيطها، حيث شهدت العاصمة خلال الأشهر الأخيرة سلسلة من التفجيرات والاعتداءات التي طالت شخصيات أمنية ومواقع حساسة. تقارير إعلامية تحدثت عن هجومين متتاليين نفذتهما خلايا تابعة لتنظيم "داعش"، أحدهما استهدف حواجز عسكرية في ريف الرقة، والآخر قافلة لنقل النفط في البادية السورية، ما يعكس قدرة التنظيم على المناورة وتنفيذ عمليات نوعية رغم خسائره السابقة.
في هذا السياق، يبدو أن توقيت الهجمات ليس عشوائيًا، بل يأتي بعد إعلان التنظيم مقتل زعيمه الرابع، في محاولة لإثبات استمرارية حضوره الميداني والقدرة على ضرب أهداف استراتيجية. هذا التصعيد يضع الحكومة السورية أمام تحديات أمنية متزايدة، خاصة في ظل غياب استراتيجية واضحة لاحتواء هذه التهديدات، وتراجع الثقة الشعبية في قدرة الدولة على حماية المدنيين.
من جهة أخرى، تعيش دمشق حالة من الاستنفار الأمني، حيث كثّفت الأجهزة الأمنية من انتشارها في الشوارع، ونصبت حواجز تفتيش "طيارة"، وشنّت حملات اعتقال جماعية طالت شبانًا في الأسواق والأحياء السكنية، بمن فيهم من يحملون وثائق إعفاء من الخدمة العسكرية أو أجروا تسويات أمنية. هذه الإجراءات، وإن كانت تهدف إلى ضبط الأمن، إلا أنها تثير مخاوف من انتهاكات جماعية وتزيد من حالة التوتر الشعبي، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الأساسية.
الانفجار الأخير في المزة، وإن لم يسفر عن ضحايا، يحمل دلالات رمزية خطيرة، فهو استهداف مباشر لمنطقة يُفترض أنها محصّنة أمنيًا، ويعكس قدرة الجهات المنفذة على اختراق الحواجز الأمنية والوصول إلى أهدافها. كما أنه يطرح تساؤلات حول مدى فعالية التنسيق بين الأجهزة الأمنية، وحول قدرة الدولة على استباق هذه الهجمات بدلًا من الاكتفاء بردود الفعل.
في ظل هذا المشهد، تبقى العاصمة دمشق تحت تهديد مستمر، وتبقى الحاجة ملحة إلى مقاربة أمنية وسياسية أكثر شمولًا، لا تقتصر على الإجراءات العسكرية، بل تشمل أيضًا تحسين الظروف المعيشية، وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع، وتفعيل الحوار الوطني الحقيقي الذي يُخرج البلاد من دوامة العنف واللااستقرار.
Comments