bah بإسم المواطن اللّبناني الحرّ: هل حصلت المصالحة الوطنيّة فعلا؟ ( 4 ) - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

بإسم المواطن اللّبناني الحرّ: هل حصلت المصالحة الوطنيّة فعلا؟ ( 4 )

09/04/2025 - 17:34 PM

Atlas New

 

 

 

 

 

 

لقرائة الحلقة الاولى يرجى النقر على الرابط التالي: https://beiruttimes.com/article/48510

لقرائة الحلقة الثانية يرجى النقر على الرابط التالي: https://beiruttimes.com/article/48531

لقرائة الحلقة الثالثة يرجى النقر على الرابط التالي:  https://beiruttimes.com/article/48578

 

 

ألسّفير د. هشام حمدان

 

أخي المواطن،

كتبت في المقالة السّابقة مبيّنا أنّنا ما زلنا نعيش حالة الحرب، وأنّ الأحزاب التي حملتنا إلى الحروب، ما زالت تحكمنا وما زالت ترفع الشّعارات ذاتها التي حملتها منذ ما قبل الحرب: ألعروبة، فلسطين، ألخمينيّة والإخوان الخ…وعليه، فالإستنتاج البديهي الذي يتبع هو هلّ أنّ الحديث عن سلام في البلاد هو حقيقة؟! هل أنت وأولادك بخير فعلا؟ لا... لنكن صريحين وواقعيّين. يؤلمني أن أقول أنّ ألسّلام في لبنان ليس سوى كذبة. صمت المدافع والرّصاص، لا يعني أنّنا خرجنا إلى السّلام.

لقد شرحت سابقا أنّ لبنان دفع ثمن الصّراعات الإقليميّة التي ارتبطت كلّيّا، بالحرب الباردة بين الإتّحاد السّوفياتي والولايات المتّحدة. إنتهت الحرب الباردة عام 1989. أمكن على الأثر، وبسحر ساحر، عقد مؤتمر الطّائف في السّعوديّة، وإقرار تسوية نهائيّة للحرب الأهليّة اللّبنانيّة. تمّ توقيع إتّفاق الطّائف بدعم من الولايات المتّحدة الأميركيّة التي ربحت الحرب الباردة (ألحرب العالميّة الثّالثة)، بعد أن ربحت الحربين العالميّتين الأولى والثّانية. إزداد بالتّالي، دور واشنطن القيادي في العالم قوّة ومتانة. أيّد مجلس الأمن والمجتمع الدّولي، إتّفاق الطّائف. وقد برز هذا التّأييد مجدّدا بوضوح في القرار 1701 الذي شدّد على ضرورة التّطبيق الكامل لإتّفاق الطّائف. تحوّل اتّفاق الطّائف إلى دستور البلاد الحالي. وبالرّغم من ذلك، لم تنته الحروب على الأرض اللّبنانيّة ،وما زالت مستمرّة حتّى الآن. لماذا؟ هل سألت نفسك يوما لماذا تستمرّ في هذه الحالة؟

سأسعى في هذه المقالة، إلى شرح التّطوّرات بعد اتّفاق الطّائف لعلّ في التّذكير إفادة. تمّ تعديل الدّستور وإدخال فقرات جديدة لإصلاح النّظام السّياسي في البلاد، بحجّة إنهاء المارونيّة السّياسيّة، وتعزيز مشاركة الجماعات الأخرى ولاسيّما المسلمين، بحكم البلاد. لكنّ الولايات المتّحدة رأت أن يستمرّ السّوريّون سنتين قبل انسحابهم (إعادة الإنتشار) إلى البقاع. أرادت واشنطن مكافأة دمشق لدعمها لها في حربها ضدّ العراق، وكذلك لمساعدة الحكومة على تعزيز مكانتها في وجه الميليشيات. كان الهدف من هذه الخطوة، إبراز نوايا واشنطن الحسنة تجاه دمشق، ودفع دور الدّولة والجيش لتولّي الأمن تدريجيّا في كلّ البلاد، بدءا من بيروت والجبل والشّمال. أمّا بقاء القوّات السّوريّة في البقاع، فكان الغرض منه إقامة توازن مع الإنتشار الإسرائيلي في الجنوب، تحضيرا لعمليّة سلام بين سوريّة وإسرائيل تنسحب أيضا على لبنان وفلسطين. وقد بدأت فعلا التّحضير لعقد مؤتمر مدريد ألذي حصل عام 1991.

بدأ إعداد البنية السّياسيّة للدّولة بعد الحرب، بترتيبات مفروضة من الخارج وضمن هذا التّوافق الأميركي السّوري المشار إليه آنفا. ماذا حصل؟

قام مجلس النّوّاب بإنتخاب رينيه معوّض، حليف مرموق للولايات المتّحدة، رئيسا للبلاد. لم يكن معوّض مطواعا للسّوريّين، فلم يقبل حافظ الأسد به، وتمّ اغتياله. فرضت سوريّة إلياس الهرواي، شريك معوض في صناعة اتّفاق الطّائف لأنّه أكثر مطواعيّة من معوّض. إهتمّت سوريّة والولايات المتّحدة بقيام حكومة مصالحة وطنيّة تجمع أمراء الحرب. لم يقبل قائد القوّات اللّبنانيّة سمير جعجع بوجود سوري في لبنان، فكان أن تمّ ترتيب ملف جنائي له، وسجنه. يمكن القول، أنّ المصالحة المنشودة، لم تتحقّق. كانت الحكومة الجديدة سوريّة الهوى بالكامل وحظيت بصمت أميركيّ عربيّ مؤسف. طغت على هذه الحكومة، ألميليشيات الحليفة لسوريّة، والرّموز السّياسيّة اللّبنانيّة الصّديقة لها. كانت الولايات المتّحدة وكذلك الدّول العربيّة، تنظر إلى السّلام في لبنان بإطار سلّة تتّصل بالشّرق الأوسط برمّته. حتّى بناء السّلام في لبنان، توقف أيضا على عمليّة بناء السّلام أوّلا في الشّرق الأوسط.

قام مجلس النّواب أيضا، بإصدار عفو عن كلّ الجرائم التي حصلت خلال الحرب. هناك جرائم لا تحتمل عفوا في القانون الدّولي، ولا يمكن لأصحابها التّمتّع بحصانة من العقوبة بشأنها، كجرائم الحرب، ألجّرائم ضدّ الإنسانيّة والجّرائم التي بلغت حدّ الإبادة الجماعيّة كما حصل في حرب الجبل عام 1983. هذا الأمر مخالف للقانون الدّولي، ومبادئ العدالة. لم يٌمنح الضّحايا من كلّ المكوّنات اللّبنانيّة، تعويضا مناسبا سواء مادّيّا أو معنويّا، لما دفعوه من أثمان باهظة نتيجة هذه الحرب. وما زال هناك مفقودون ومصيرهم مجهول حتّى السّاعة.

لم ينجح مؤتمر مدريد. إتّخذت سوريّة مواقف تصعيديّة ضدّ خطط السّلام الأميركيّة، ودخلت في عمليّة ضغط ضدّ الولايات المتّحدة بالتّحالف مع إيران، حيث قامتا بتصعيد العمل العسكري ضدّ إسرائيل في الجنوب. عاد لبنان ساحة لصراع المنطقة. فيما ظلّ سوريّة وإيران هادئتين تنعمان بالسّلام والإزدهار الإقتصادي.

في الواقع، عاد الإنقسام الدّاخلي سريعا إلى ما كان عليه قبل اتّفاق الطّائف. بدأت العمليّات العسكريّة ضدّ السّوريّين في الدّاخل. قامت الولايات المتّحدة بضغوط نتج عنها تحوّلات حتّى في العلاقة السّوريّة السّعوديّة. خرج سمير جعجع من السّجن وعاد إلى دوره كزعيم حزب (ميليشيا) القوّات اللّبنانيّة. لم يُستكمل تطبيق اتّفاق الطّائف ولا أحكام الدّستور. ظلّ لبنان في حالة جمود سياسي منذ ذلك الحين، مكتفيا بصمت المدافع مع حفاظ الميليشيات على مناطق نفوذها. عقد وليد جنبلاط عام 2000، إتّفاقا مع الكنيسة، إعترفت فيه هذه الأخيرة بنفوذ الدّروز بقيادة البيت الجنبلاطي في الشّوف وعاليه، مقابل اعتراف البيت الجنبلاطي بسيطرة الكنيسة المسيحيّة على المسيحيّين. أنضمّت القوّات اللّبنانيّة إلى هذا الإتفاق. قيل أن ذلك التّوافق، هو مصالحة بين أهل الجبل. لكنّ الحقيقة، أنّه كان تسوية فرضتها ظروف الواقع، كالتّسوية المماثلة لحرب عام 1860. لا يوجد في الخارج حاليّا، من يريد حربا جديدة بين اللّبنانيّين. لذلك يبقى الجبل هادئا.

أخي المواطن،

يستمرّ لبنان في هذه الدّوامة. ومن المؤسف أنّك تحوّلت إلى قوّة دعم لهذه الحالة ألتي تبقيك وقودا لحروب مقبلة عندما تنضج الظّروف الخارجيّة. أنت لا تحاول الإستفادة من هذه المرحلة لإنضاج عمليّة سياسيّة، تُخرج لبنان من حروب الآخرين، وتمنحنا حقّنا الطّبيعي بالعيش بسلام مستدام. يعود الميليشاويّون إلى تثوير غريزتك أمام كلّ انتخابات برفع شعار الوفاء. الوفاء لمن ولماذا؟ الوفاء للحرب؟ ألوفاء لمن دفع بك وبأسرتك إلى أتون الحرب والدّمار والموت إرضاء للخارج؟ الوفاء للمدفع والتّحضير لحرب أخرى ستكون أنت وأولادك وعائلتك وقودا لها؟.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment