bah فادي السمردلي يكتب المطلوب انتخابات نزيهة ولا نريد أن (نقول نزيهة الله يرحمها) - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

فادي السمردلي يكتب المطلوب انتخابات نزيهة ولا نريد أن (نقول نزيهة الله يرحمها)

09/05/2025 - 08:59 AM

Prestige Jewelry

 

 

بقلم فادي زواد السمردلي

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال

 

*المقال يصوّر قراءة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود

 

الانتخابات الداخلية لأي منظومة ليست مجرد إجراء روتيني أو احتفالية شكلية بل هي العمود الفقري الذي يعكس صحة المؤسسة واستقلالية قراراتها وقدرتها على تمثيل جميع أعضائها بإنصاف وشفافية فالحديث عن "انتخابات نزيهة" لا يمكن أن يظل شعارات جوفاء أو عبارات مألوفة تُقال بلا محتوى بل يجب أن يتحول إلى تحليل دقيق للواقع الداخلي، وفهم الأسباب التي تجعل النزاهة تتعرض للاختراق، والآثار بعيدة المدى لهذه الاختلالات على المؤسسة وأعضائها.

في كثير من المنظومات، تتحول الانتخابات الداخلية إلى ساحة لتعبئة "مجموعة الطاعة العمياء"، حيث يُستدعى أعضاء محددون لدعم مرشح بعينه أو لإقصاء منافسين وهذه الظاهرة ليست مجرد خطأ إداري أو سوء تنظيم، بل هي انعكاس مباشر لغياب الحياد لدى القيادة التي تشرف على العملية الانتخابية فعندما يتحول المشرف أو المراقب إلى طرف مؤثر، فإن الانتخابات تفقد معناها الحقيقي فتصبح أداة لتثبيت النفوذ بدلاً من اختبار الكفاءة والجدارة.

من الناحية النقدية، يمكن تفسير هذا السلوك كنتيجة لعدة عوامل هيكلية وسلوكية أولًا، غياب وضوح شروط الترشح يسمح للقيادة بالتحكم في من يحق له المشاركة ومن يُستبعد وعدم الإعلان عن المعايير بوضوح أو تعديلها حسب المصلحة الشخصية يؤدي إلى إضعاف تكافؤ الفرص ويخلق شعورًا بالإحباط بين الأعضاء الذين يرغبون بالمنافسة بشرف ثانيًا، ضعف آليات الرقابة والمساءلة يجعل من السهل استخدام التجييش الممنهج كأداة للترويج لفئة محددة، وإقصاء كل من يختلف مع التوجهات السائدة، وهو ما يقوض أي شكل من أشكال الديمقراطية الداخلية.

الآثار السلبية لهذه الممارسات تتعدى مجرد نتائج الانتخابات فهي تخلق بيئة تنظيمية مبنية على الطاعة بدلًا من الكفاءة، وتضع الولاء الشخصي فوق المصلحة العامة للمؤسسة فالأعضاء الذين يشاهدون هذه الانحرافات يفقدون الثقة في النظام، ويصبح لديهم شعور بأن مشاركتهم لا قيمة لها، مما يؤدي إلى تراجع التفاعل والمساهمة الفعالة. كما أن المؤسسات التي تسمح بهذا النوع من الممارسات تصبح عرضة لتفاقم الفساد الداخلي، لأن هيكلية السلطة تصبح مركزة في يد مجموعة صغيرة تستفيد من التحكم بالعملية الانتخابية، على حساب الشفافية والنزاهة.

لتحليل هذه الظاهرة بشكل معمق، يمكن النظر إلى ثلاثة أبعاد رئيسية: البعد التنظيمي، البعد السلوكي، والبعد الثقافي فالبعد التنظيمي يتعلق بالمعايير والإجراءات التي تحكم الانتخابات، مثل شروط الترشح، آليات التصويت، وإجراءات المراقبة والبعد السلوكي يشمل تصرفات القيادة والأعضاء، مثل التجييش الممنهج، الترويج لمرشح بعينه، أو محاولات إقصاء المنافسين أما البعد الثقافي، فيشير إلى ثقافة المؤسسة نفسها، وكيفية تعامل أعضائها مع السلطة، والمستوى الذي يضع فيه الولاء الشخصي فوق القيم التنظيمية.

على مستوى الحلول العملية، يمكن اقتراح مجموعة من الإجراءات لضمان نزاهة الانتخابات الداخلية. أولًا، الإعلان الصريح والواضح عن شروط الترشح للجميع، بما يضمن تكافؤ الفرص. ثانيًا، تعيين مراقبين مستقلين، لا ينتمون لأي فئة داخلية، لضمان حيادية تامة في إدارة العملية الانتخابية ثالثًا، وضع آليات تقييم ومساءلة شفافة، بحيث يمكن لأي عضو الاعتراض أو تقديم شكاوى في حال وجود انتهاك للقواعد رابعًا، تشجيع ثقافة الانفتاح على الاختلاف والاحتكام إلى الجدارة بدل الولاء الشخصي، ما يقلل من تأثير "الطاعة العمياء" على النتائج.

أمثلة واقعية من المنظومات المختلفة تظهر أن تطبيق هذه الإجراءات يحقق نتائج ملموسة. في بعض المنظومات، أدت مراقبة الانتخابات من قبل لجان مستقلة ونشر شروط الترشح بوضوح إلى زيادة المشاركة، وتراجع النزاعات الداخلية، وتعزيز ثقة الأعضاء في النظام بالمقابل، أي محاولات لإخفاء المعايير، أو التجييش لمصلحة فئة محددة، أدت إلى فقدان الثقة وتراجع التفاعل، بل أحيانًا إلى انسحاب أعضاء مؤثرين أو تحديات قانونية لاحقة.

من خلال هذه القراءة النقدية، يتضح أن مسألة النزاهة في الانتخابات الداخلية ليست خيارًا، بل شرط أساسي لاستمرار أي مؤسسة. إن أي محاولة لتسييس الانتخابات، أو الترويج لمجموعة محددة، أو إقصاء المنافسين تحت ذرائع واهية، تعتبر انتهاكًا صارخًا للعدالة التنظيمية فالنزاهة ليست شعارًا يكتب على الورق، بل ممارسة يومية، وآلية دقيقة لضمان أن تكون إرادة الأعضاء هي المعيار الوحيد للنتائج، وليس الولاء الشخصي أو النفوذ الفردي.

ختامًا، نؤكد أننا لا نريد أن نقول "نزيهة الله يرحمها" كعبارة جوفاء، بل نريد انتخابات حقيقية وشفافة، تقوم على أسس واضحة، وتضمن العدالة والحياد، وتحمي حقوق كل عضو فالقراءة النقدية لهذه القضية توضح أن الإصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ من إعادة تأسيس المبادئ التنظيمية كأساس لكل عملية انتخابية، وتطبيق آليات صارمة للرقابة والمساءلة، مع بناء ثقافة تنظيمية تركز على الجدارة والكفاءة، لا على الطاعة المطلقة وهذا هو الطريق لضمان أن الانتخابات الداخلية ليست مجرد طقس شكلي، بل ممارسة حقيقية تعكس إرادة الأعضاء وتحافظ على مصداقية المؤسسة واستمراريتها.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment