bah الفقر يدفع الشباب العراقي إلى أتون الحرب الروسية – الأوكرانية - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الفقر يدفع الشباب العراقي إلى أتون الحرب الروسية – الأوكرانية

09/09/2025 - 03:58 AM

absolute collision

 

 

 

 

 

ادهم ابراهيم

 

انتشرت مؤخرًا مقاطع مصوّرة تُظهر شبانًا عراقيين وهم يرتدون الزي العسكري الروسي ويرفعون العلم العراقي في جبهات القتال بأوكرانيا، لتفجّر قضية تجنيد المرتزقة من العراق وتعيد إلى الأذهان مشاهد مشابهة من حروب سوريا ولبنان.

الأوضاع الاقتصادية المتردية، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، دفعت العديد من الشباب العراقي إلى البحث عن أي مصدر دخل، حتى لو كان عبر الانضمام كمرتزقة في صراعات لا تعنيهم. التقديرات تشير إلى وجود ما يقارب الـ 500  عراقي في روسيا منذ عام 2023، جرى استقطاب بعضهم عبر وسطاء محليين.

اللجنة النيابية للعلاقات الخارجية أقرت بوجود هذه الظاهرة وأعلنت متابعتها رسميًا، لكن الواقع يكشف أن المشكلة أعمق بكثير. فالمعادلة ليست مجرد “شباب بلا عمل”، بل استغلال منظم من قبل شبكات الجريمة السياسية التي حولت العراق إلى سوق مفتوحة للاتجار بالبشر، مرة تحت عناوين عقائدية كما حدث في سوريا، ومرة تحت الحاجة المعيشية كما يحدث اليوم.

تعطيل الاقتصاد العراقي عمدًا، وإهمال الصناعة والزراعة والتجارة، جعل آلاف الشباب يقعون فريسة لليأس. بعضهم التحق بمليشيات حزبية مسلحة، وآخرون صاروا سلعة تُباع وتشترى في أسواق الحروب. وحين يغيب الضمير الوطني، يتحول أبناء الشعب إلى وقود لمعارك الآخرين، إما كمرتزقة أو كلاجئين، بينما تجني بعض القوى السياسية أرباحًا طائلة من دماء الفقراء.

ما يجري ليس عشوائيًا، بل سياسة ممنهجة وجريمة منظمة، تقودها أحزاب فاقدة لأي التزام وطني أو أخلاقي، تفوقت ببطشها وفسادها على كل الأنظمة السابقة. هذه القوى زرعت الفساد في كل مكان، وشجعت على البطالة والتهميش كي يبقى الشباب تحت رحمة المليشيات وشعاراتها الخادعة.

المؤلم أن بعض رجال الدين والسياسة يلتزمون الصمت حيال هذه الكارثة، وكأن المتاجرة بالشباب أصبحت أمرًا طبيعيًا. لكن الحقيقة أن البلد صار مستباحًا، وأن أخطر ما في الأمر أن هذه الظاهرة ليست جديدة، بل جرى التغطية عليها لسنوات، حتى بات المجندون بالمئات وربما بالآلاف.

العراق غني بخيراته، لكنه فقير بأيدي ساسته. بدل أن يكون الإنسان فيه هو رأس المال الأعظم، يُترك الشباب ليُستنزفوا في الحروب أو يُحطموا بالمخدرات او الضياع في المقاهي وإن التاريخ لن يرحم من أوصلهم إلى هذا المصير، وسيظل العار يلاحق من حوّل أبناء البلد إلى سلعة في أسواق الدم.

والمشكلة لا يمكن حلها ألا من خلال حكومة وطنية حقيقية تعالج جذور الأزمة، عبر إعادة بناء الاقتصاد، وتفعيل الصناعة والزراعة، وتوفير ضمان اجتماعي وخدمات أساسية، وفتح مراكز للشباب تعيد إليهم الأمل بدل أن تدفعهم نحو الهجرة أو الارتزاق.

إن العراق بحاجة إلى نظام وطني جامع يتجاوز الطائفية والقبلية، ويعيد للشباب ثقتهم بوطنهم. فاستمرار هذا النهج لا يعني سوى مزيد من الانحدار، ومزيد من نزيف الطاقات البشرية التي كان يفترض أن تكون عماد المستقبل.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment