bah إسرائيل تقصف الدوحة وتفجر أزمة إقليمية غير مسبوقة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

إسرائيل تقصف الدوحة وتفجر أزمة إقليمية غير مسبوقة

09/09/2025 - 18:15 PM

Prestige Jewelry

 

جورج ديب

 

في تطور خطير وغير مسبوق، شنّت القوات الجوية الإسرائيلية مساء الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 غارات دقيقة على العاصمة القطرية الدوحة، مستهدفة مقرات سكنية لقيادات بارزة في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في منطقة كتارا. وقد أطلقت إسرائيل على العملية اسم "قمة النار"، في إشارة إلى استهدافها المباشر لوفد الحركة المفاوض، الذي كان يناقش مقترحًا أمريكيًا لوقف إطلاق النار في غزة.

الهجوم، الذي وقع في تمام الساعة الرابعة مساءً بتوقيت القدس، أسفر عن انفجارات عنيفة هزّت العاصمة القطرية، وأثار موجة إدانات عربية ودولية واسعة، اعتُبرت إجماعًا نادرًا على رفض هذا التصعيد الإسرائيلي. مصادر إعلامية إسرائيلية تحدثت عن "عملية انتقامية" ضد قادة حماس الذين تتهمهم تل أبيب بالمسؤولية المباشرة عن مجزرة السابع من أكتوبر، وبإدارة الحرب ضد إسرائيل من الخارج.

من بين الشخصيات المستهدفة، وردت أسماء خليل الحية، زاهر جبارين، خالد مشعل، نزار عوض الله، وعزت الرشق، وجميعهم من قيادات الصف الأول في الحركة. وأكدت مصادر إسرائيلية أن العملية نُفذت باستخدام ذخائر دقيقة، بعد جمع معلومات استخبارية موسعة، بهدف تجنّب إصابة المدنيين. إلا أن صورًا متداولة أظهرت تصاعد الدخان من المباني السكنية، وسط حالة من الذعر بين السكان المحليين والمقيمين.

وزارة الخارجية القطرية أدانت الهجوم "بأشد العبارات"، واعتبرته "عملًا إجراميًا وانتهاكًا صارخًا لجميع القوانين والأعراف الدولية"، مؤكدة أن التحقيقات جارية على أعلى مستوى، وأن قطر "لن تتهاون مع هذا السلوك الإسرائيلي المتهور".

ردود الفعل الدولية جاءت سريعة وحاسمة. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وصف الغارات بأنها "انتهاك صارخ لسيادة قطر ولسلامة أراضيها"، داعيًا إلى وقف فوري للتصعيد. كما عبّر البابا ليو الرابع عشر عن قلقه العميق، واصفًا الوضع بأنه "خطير للغاية"، في تصريح نادر من المقر البابوي الصيفي في كاستل غاندولفو.

الدول العربية توحدت في موقفها، حيث أدانت السعودية، الإمارات، الأردن، مصر، الجزائر، الكويت، سلطنة عمان، ولبنان الهجوم، واعتبرته "عدوانًا غاشمًا" و"سابقة خطيرة" تهدد أمن المنطقة وتقوّض جهود الوساطة التي تلعبها قطر في ملف غزة. ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أجرى اتصالًا بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أكد فيه وقوف المملكة التام إلى جانب قطر، بينما شدد الملك الأردني عبد الله الثاني على أن "أمن قطر من أمن الأردن".

من جهتها، وصفت وزارة الخارجية التركية الغارة بأنها "اغتيال سياسي" يهدف إلى تعطيل جهود السلام، مؤكدة أن إسرائيل "لا تسعى إلى التهدئة بل إلى استمرار الحرب".

الحدث أثار تساؤلات عميقة حول مستقبل الدور القطري في الوساطة الإقليمية، خاصة في ظل الضغوط الأمريكية المتزايدة على الدوحة لإعادة النظر في استضافتها لقيادات حماس. وقد أكدت مصادر مطلعة أن الوفد المفاوض كان يناقش مقترحًا أمريكيًا يتضمن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ما يجعل توقيت الهجوم مثيرًا للريبة.

في السياق ذاته، اعتبر مراقبون أن استهداف قطر، الدولة الخليجية التي لطالما لعبت دورًا محوريًا في التهدئة، يُعدّ تصعيدًا غير مسبوق، ويكشف عن تحول في قواعد الاشتباك الإقليمية، حيث لم تعد إسرائيل تكتفي بضربات في لبنان وسوريا، بل باتت توسّع نطاق عملياتها إلى دول الخليج.

التحقيقات لا تزال جارية، والمواقف الدولية تتوالى، لكن المؤكد أن هذا الاعتداء سيترك أثرًا عميقًا في العلاقات الإقليمية، ويعيد رسم خريطة التحالفات والوساطات في الشرق الأوسط.

 

* جورج ديب هو إعلامي وكاتب سياسي في بيروت تايمز، يُعرف بتحقيقاته الدقيقة وتغطيته للشؤون اللبنانية والإقليمية، خاصة في الملفات الأمنية والدبلوماسية. يتميز بأسلوبه المباشر وتحليله العميق للأحداث.

 

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment