كتب كريم حداد
ثبات النائب سامي الجميل، رئيس حزب الكتائب اللبنانية، يُعد مثالاً حيًا على أهمية التمسك بالمبادئ السيادية والرؤية الاستراتيجية في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي يعاني منها لبنان. ففي عهد الرئيس السابق، كان الجميل المعارض الوحيد الذي رفع صوته بقوة ضد السياسات التي أدت إلى تفاقم الأزمة، محذرًا من الانهيار الشامل الذي يعيشه البلد اليوم. لم يكن موقفه مجرد رفض للمعارضة، بل كان تنبؤًا مدعومًا بتحليل عميق للواقع، حيث أشار إلى مخاطر الاعتماد على قوى خارجية وغياب السيادة الحقيقية، مما أدى إلى الانهيار الاقتصادي، الفوضى المالية، والتدخلات الأجنبية التي وصلت إلى ذروتها في السنوات الأخيرة.
خلال العهد السابق، خاصة في فترة رئاسة ميشال عون وسعد الحريري، كان الجميل يُعتبر الصوت الوحيد الذي يدعو إلى إصلاح جذري، محذرًا من أن التوازنات السياسية الهشة والتساهل مع السلاح غير الشرعي سيؤديان إلى كارثة وطنية. في عام 2017، على سبيل المثال، انسحب الحريري من جلسة أثناء حديث الجميل، مما يعكس التوتر مع المعارضة، لكن الجميل استمر في الدفاع عن رؤيته، معتبرًا أن الاستماع إلى الأصوات المعارضة ضروري لتجنب السيطرة الكاملة من قبل أي طرف. كان ينبه إلى أن المعارضة ليست رفاهية، بل ضرورة للحفاظ على التوازن، مستذكرًا تجارب الوصاية السورية التي تحولت من معارضة مسيحية إلى تحالف وطني غيّر الموازين.
اليوم، في عهد الرئيس جوزاف عون الذي تم انتخابه في يناير 2025، أثبتت رؤية الجميل صحتها، حيث أصبحت تسلك الطريق الصحيح من خلال الدعم الواضح للقيادة السيادية. بعد لقاءاته في قصر بعبدا، أعرب الجميل عن ثقته الكاملة بالرئيس عون، مشيدًا بثباته وحكمته في التعامل مع الأزمات، خاصة في حصر السلاح وتعزيز الدبلوماسية. قال الجميل مؤخراً: “نقف إلى جانب العهد ليستمر في حماية لبنان”، مؤكداً أن الكلام في ذكرى بشير الجميل يعكس انتقالاً إلى مرحلة جديدة من السيادة الواضحة. هذا التحول ليس تنازلاً، بل ثبات في الهدف: بناء دولة سيدة مستقلة، بعيداً عن سباق التسلح الفاشل الذي أدى إلى احتلال وانهيار، كما أشار إلى أن ميزانية الدولة 6 مليارات دولار مقابل 50 ملياراً للجيش الإسرائيلي وحدها، مما يؤكد حاجة لبنان إلى طرق مختلفة لحماية نفسه عبر الدبلوماسية والمؤسسات.
ثبات الجميل يتجلى في رفضه التعايش مع سلاح حزب الله، كما أكد في مقابلاته الأخيرة في 2025، حيث شدد على أن “موقفنا واضح برفض التعايش مع سلاح حزب الله”، ويؤكد دعمه للرئيس جوزاف عون الذي يعمل على استعادة السيادة وحصرية السلاح، مع حزب الكتائب كواحد من أبرز الداعمين لهذه الجهود. كما دعم كلمة الرئيس عون في مؤتمر الدوحة، معتبراً أنها خطوة نحو حماية الشعب بعد فشل الطرق الأخرى. هذا الثبات لم يأتِ من فراغ، بل من التنبؤ بالأزمة الحالية – الانهيار الاقتصادي، الفراغ الرئاسي السابق، والتوترات الإقليمية – التي نبه إليها كمعارض وحيد، مما يجعله اليوم شريكاً أساسياً في الطريق الصحيح لإنقاذ لبنان.
في الختام، ثبات سامي الجميل ليس مجرد موقف سياسي، بل رؤية استراتيجية أثبتت فعاليتها. من خلال نبؤته بالأزمة ودعمه اليوم للعهد الجديد برئاسة جوزاف عون، يُظهر أن الثبات الحقيقي يعني الالتزام بالسيادة والوحدة الوطنية، مهما تغيرت الظروف، لبناء مستقبل أفضل لكل اللبنانيين من الشمال إلى الجنوب.
Comments