bah عصا نبيل عزام في بيروت، تَـجَـلِّياتٌ موسيقيةٌ تسطَع من أَفضل التراث العربي - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

عصا نبيل عزام في بيروت، تَـجَـلِّياتٌ موسيقيةٌ تسطَع من أَفضل التراث العربي

02/25/2019 - 19:41 PM

Prestige Jewelry

 

 

بيروت - خاص "بيروت تايـمز"

بالأَناقة التي يهندس على وقْعها أَلحانَه مؤَلِّفًا موسيقيًّا، كان في أَمسيته اللبنانية يقود الأُوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية في بيروت، مدعوًّا من المعهد الوطني العالي للموسيقى (الكونسرفاتوار)، في برنامج من أَصالةِ ما يبقى في البال حيًّا يخلّد التراث الموسيقي العربي.    

في حضورِ جمهورٍ كثيفٍ جدًّا ضاقت به صالة مسرح بيار أَبو خاطر في حرم جامعة القديس يوسف - بيروت، حمَلَ المايسترو نبيل عـزَّام عصا القائِد وأَطلق النوطة الأُولى من "سماعي فَرَحْفَزَا" لــ"جميل بك" فملأَ القاعة حنينًا إِلى الزمن الـمُشرق من التراث الموسيقي العربي، والمايسترو كأَنه، فيما يقود بعصاه، يعزف على كل آلةٍ وحدَها كي يؤَدِّي المناخَ العربي الـمُعيدَ إِلى ذاك الـزمن الـمُشرق.

ومع معزوفة "لونغا كريديلّي" لــ"صبُّوح" تحركَت الأَوتار والإِيقاعات في تناغُم جلـيٍّ استرجع مذاق الفترة التي كانت فيها تلك المقطوعات سيِّدة الساحة الفنية.

ثم كانت "سامبا القاهرة" عروسًا بهية الأَناقة، ولَكان عبدالوهاب يعتزُّ بها معزوفةً بأَنامل أَعضاء الأُوركسترا اللبنانية في قيادة نبيل عزام، الـمُشبَع بالموسيقى الشرقية عزفًا وتأْليفًا وقيادةً حتى باتت جُـزءًا من إِيقاع حياته اليومية.

بـهذه الروحية المعمَّقة كانت معزوفتُه "الكرامة" التي تستعيد في مفاصل أَنغامها كرامة شعبٍ شرَّدَه اغتصابُ أَرضه فانتشر في الأَرض باحثًا عن مفاتيح العودة إِلى الأَرض الأُمّ في فلسطين. وجاءت "الكرامة" أَكثر من معزوفة. جاءت رسالةً إِلى الأُمم الحرّة التي تعي أَنّ أَهل الأَرض يجب أَن يعودوا إِلى بيوتهم التي ما زالت تنتظر عودتهم كي يكون عرسُ العودة عنوانًا لعرس الكرامة.

أَمّا مع أُغنية "شايف البحر" للأَخوين رحباني كلماتٍ ولـحنًا، فالـمايسترو تخلَّى عن عصا القيادة وامتشق عصا كمانه، وهو أَساسًا معروفٌ بــ"شاعر الكمان"، وراح يغازل أَوتاره بحنان وحنين، تتصاعد من أَنغامه اللوحاتُ الملونة التي سكب فيها عاصي ومنصور الرحباني أَجمل ما كتباه وما لـحَّناه، وينساب كمان نبيل عزَّام متماوجًا مع الجمال المتأَلِّق: نَطَرْتَك سِنِه... ويا طُول السِنِه... وإِسأَل شجَر الجوز... شوفَك بالصَحُو... جايي من الصَحُو... وضايع بِــوَرَق اللوز".

ثم كانت معزوفة "زركفند" للمايسترو أَندريه الحاج، القائد الرئيسي الأَوّل للأُوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية، وأَحد أَركان الكونسرﭬـاتوار اللبناني، وهو أَيضًا مؤَلِّفٌ موسيقيٌّ له أَعمال تعزفها أُوركسترات كبرى، وجاءت معزوفته هذه متأَلِّقةً في هذه الأُمسية اللبنانية، بما فيها من تنويعات لحنية جميلة.

رائعة فريد الأَطرش "حبيب العمر" أَضافت إِلى مناخ الأُمسية جمالًا من المناخ القاطف ملامحَ شرقية وغربية معًا وهي طبيعةٌ في بعض ألحان الموسيقار المرهف الذي غاب وفي نفسه حسرةُ أَنْ لم تُنْشد له أُم كلثوم واحدًا من أَلحانه الرومانسية الجميلة.

بالعودة إِلى عبدالوهاب، ومعزوفته "الحب الأَول" تهادت النغمات مجدَّدًا بتلك الإِيقاعات التي كم رقَّصت على هدلتها سنواتٍ طويلةً من أَزهى أَيام مصر حين كانت الأُمسيات الغنائية علامة مصر إِلى العالم العربي.

وجاءت المعزوفة الثانية للمايسترو عزام "الـملَّاح" وهي من أَشهر معزوفاته، تجلَّت فيها دقائقُ كتابته الموسيقية الـمتأَنية بين روح العصر والحفاظ على الأَصالة العريقة الطالعة من عُمق ثقافته الـموسيقية الغنية. وتهادت القاعة كلُّها على نغمات المؤَلف الموسيقي الناصريّ الحامل إِرثَ شعبه أَينما حـلَّ في العالم، انطلاقًا من مؤَسسته "مستو" (أُوركسترا "نجمة الموسيقى المتعددة الإِثنيات") التي أَسَّسها سنة 2001 وما زال يرعاها ويقدِّم أُمسياتها على أَكبر مسارح العالم.     

وكان ختام الأُمسية "لحن الخلود" الذي هو فعلًا من أَعلى مستويات فريد الأَطرش الموسيقية، جاب فيها مساحاتٍ وسيعةً من اللوحات السمعية التأْليفية فبلغ بها رُقيًّا عاليًا وما زالت حتى اليوم من أَجمل ما أَطلعَتْه الموسيقى العربية لحنًا خالدًا على الزمن.

أُمسية نبيل عزام قائدًا ليلتها الأُوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية في بيروت، منوِّهًا في ختامها بمهارة عازفيها اللبنانيين، وبقائدها الصارم أَندريه الحاج على ضبطه إِيقاعَها باحترافية عالية، كانت ليلةً لا تُنسى في تاريخ الكونسرﭬـاتوار اللبناني، وفي سجلّ الموسيقى الشرق عربية التي كرَّس لها مؤَسسُ أُوركستراها وليد غلمية جمهورًا باتت الموسيقى من ضمن مواعيده الأُسبوعية الـمُحبَّبة.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment