bah حكومة لبنانية تيكنوقراط... نفطية! - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

حكومة لبنانية تيكنوقراط... نفطية!

05/30/2018 - 21:11 PM

Prestige Jewelry

 

سيمون حبيب صفير

مقرف، محزن، مبكي هذا المشهد السياسي الذي يلوّث يومياتنا، ويؤذي حواسنا ويسيء إلى حضارتنا التي نتغنّى بأمجادها، دون ما شابها من شوائب وتخللها من صفحات سود، أسوأها حقبات الاحتلالات المتعاقبة والحروب الداخلية والمجازر والاقتتالات "الأخوية" والدمار والخراب والانحطاط..
 
الأفظع والأوقح أن أهل السياسة عندنا، ومن بينهم من ركّب على كواهلنا الديون الميلياراتية، يتناتشون المناصب، يتخانقون على الحصص، فيما حصة المواطن اللبناني عوز وحرمان فوق فقر وبؤس وظلم، ونحن كشعب، لا ذنب لنا إلا إننا مواطنون في وطن الفساد والمحاصصات وعدم المساءلة والمحاسبة، بسبب عدم سيادة القانون والعدالة على كامل أرض الوطن المصلوب المسلوب المغلوب المنكوب المنهوب!
 
وأكثر ما يضحكنا ضحكاً ممزوجاً بالمرارة والسخط والقرف، "ابتكار" وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد التي تم إنشاؤها، وكبّدتنا، فوق خسائرنا المالية، خسائر إضافية، إذ أثبتت إنها لزوم ما لا يلزم، وقد كلفت خزينة دولتنا مبالغ مالية، هي أعباء، تصرف كأجور وككلفة تشغيل هذه الوزارة غير المنتجة وغير المجدية، كمن يسقي شجرة يابسة لا حياة فيها، وقد نزع منها الحياة أولياء أمرها عن سابق قصد وإصرار وتصميم، ويظهرون حسن نواياهم في الإصلاح ووأد الفساد في تراب "التغيير والإصلاح" الذي يتم فوقه بناء صرح الجمهورية الجديدة العصرية المتطورة النفطية على أسس متينة ضد الهزات والزلازل والأعاصير...! أجل، إن هذه الوزارة المستحدثة، هي خيال صحراء، وقد أثبتت فشلها وعدم جدواها.. للأسف!
 
وكم كنا نتمنى ونتوق إلى تحويلها إلى خليّة نحل لا تهدأ، من الوزير المؤتمن عليها، مروراً بطاقمها الوزاري وصولاً إلى أصغر موظف، وإلى كل مواطن خفير يقدّم شكوى ذات صلة بأي موضوع فساد، ليبنى على الشيء مقتضاه وتتم معاقبة المخالف او المرتكب أو المجرم.
 
وما أكثر المخالفين المرتكبين المجرمين من السياسيين الذين يتقاسمون المناصب والحصص والمغانم ويثرون إثراء غير مشروع، ويعيثون فساداً، ويعيشون عيشاً رغيداً على حسابنا نحن الشعب الكادح الصامد الصابر.. والكسول، إذ لا يثور على جلاديه... وقد رأينا نتيجة الانتخابات النيابية، التي أعادت إلى مجلس تمثيل الأمة اللبنانية، كل الذين نشكو من سوء ادائهم...
 
بما إن هذه الوزارة "مُكافِحَة الفساد" الدونكيشوتية، باءت بالفشل الذريع، وما أنفق عليها، هو كمن يسكب الماء في الغربال، وبالتالي يهدره.. لذلك، وبكل وعي ومسؤولية وطنية ومنطق نطالب بإلغائها.. بعد أن كنا ننتظر منها ان تكون فاعلة وذات صلاحيات تنفيذية بما يتلاءم مع مهامها، ولو في الحد الأدنى، في مراحل عملها الأولى، لتنمو وتتطوّر وتنجح أقله على مستوى مراقبة أسعار السلع الاستهلاكية وفي مقدمها الدواء، وهذا أبسط حق من حقوق المواطن، وأصغر ملف يمكن لهذه الوزارة ان تلاحقه بجدية واحتراف!!!
 
وفي هذا السياق نشدّد على أهميّة وضرورة إعادة إنشاء وزارة التخطيط، (وقد تطرقت إلى هذه القضية في أحد مقالاتي من زمان) لأنها باتت أولويّة، في ظل انتشار الفوضى العارمة المتمثلة بغياب التنسيق المطلوب بين الوزارات المعنية بتنفيذ المشاريع الكبرى وتلك المتعلقة بالبنى التحتية والخدماتية على اختلافها... ما يفاقم من مشاكل الإنفاق من خزينة الدولة نتيجةً لغياب الخطط والدراسات الفنية والتقنية والربط فيما بينها وتكاملها مع بعضها البعض..
 
في هذه اللحظة الخطيرة، إن تأليف حكومة تيكنوقراط مصغّرة وفاعلة هي المطلوبة، كيف لا وهذه الظروف الضاغطة والقاسية، خصوصاً ان الدين الحقيقي قد بلغ اكثر من ١٤٠ ميليار دولار، تحتّم علينا اعتماد سياسة التقشف وعصر النفقات ووضع استراتيجية حكيمة للنهوض الاقتصادي والنمو في المجالات الانتاجية، والاسراع في استخراج النفط والغاز الطبيعي، وهذا يتطلب قراراً وتنفيذاً لهذا القرار، وعدم الخضوع لإملاءات اي دولة خارجية، خصوصاً نفطية، قريية كانت أم بعيدة، صديقة أم عدوّة، متضرّرة من استثمار ثرواتنا الطبيعية (وهي نعمة من ربنا علينا)، وإذا خضع أي من أصحاب القرار في لبنان لأي ضغط خارجي على هذا المستوى لإجباره على تنفيذ أي مشروع أو توقيع أي معاهدة تضرّ بمصالحنا، فهذا يدلّ على إن هذا المسؤول اللبناني ليس على مستوى المسؤولية، وبالتالي يضع نفسه في خانة العداء لشعبه ومصالحه الوطنية السياسيّة والاقتصاديّة الحيويّة... وهكذا يكون خائناّ للأمانة!
 
لأن خلاص لبنان بنفطه وغازه.. شاء من شاء وأبى من أبى، ولأننا شبعنا فقراً وديوناً وبطالة وقلة موارد وهجرة وفساداً.. يحق لنا أن نستخرج نفطنا وغازنا ونحسن استثمارهما الى جانب الماء هذه الطاقة الحيوية الأولى، ويحق لنا ان نتمتع بحكومة مصغرة، أكاديمية، مؤلفة من خيرة أصحاب الأدمغة والكفايات المهنية والفكرية والخبرات من مجتمع التقنوقراط، غير المنتمي الى المنتمين الى محاور خارجية، مأجورين، يأتمرون بأوامرها المضرة بمصالحنا، وذلك للعمل الدؤوب الجديّ النّوعيّ للنهوض بلبنان، من خلال وضع استراتيجيات حكيمة للعمل وآليات تكنولوجية متطورة لتنفيذها وفقاً للمعايير المعتمدة دولياً، وليس وفقاً لمصالح هؤلاء السياسيين الصغار الشرهين النهمين الفاسدين الذين حرمونا هناء العيش والعمل في وطننا، وقرفونا، وأفقرونا وهجّرونا.. وهم أعداء أنفسهم لأنهم أعداء الخير، اعداء التطور والإنسانية، لانّهم عباد المال وليسوا عباد الله له المجد، وهو العادل الرحيم، ونحن نلوذ برحمته! 
 
ولأن من الرحمة بمكان إحقاق حقوق الشعب، عبر العدالة، فلا بد من تحويل وزارة العدل إلى وزارة الوزارات، فتفعل فعلها التغييري على مستوى مكافحة الفساد وسوق الفاسدين من كبيرهم إلى صغيرهم إلى السجون، واسترجاع كل الحقوق المسلوبة والأموال المنهوبة منهم ومقاضاتهم بحسب الأصول والقوانين المرعيّة الإجراء! 
 
 
كفى فلتان ونكايات وتحاصص وفساد وجهل وتخلف وتبعيّات وإقطاعيات وتراكم ديون وتأجيل حلول واستخراج النفط والغاز..!
 
 
شبعنا... نريد الخلاص!!!
 
نريد من سياسيينا بعضاً من التواضع والتجرد والإمحاء والموضوعية خدمةً للبنان ومصالحه العليا، وحباً بالله وشعبه اللبناني.
 
نريد حكومة نفطيّة إنقاذيّة بأسرع وقت ممكن.. وخسىء كلّ هؤلاء المعرقلين الطامعين اللاهثين خلف الحصص الوزارية وحقائبها وكراسيها.. وهم لا يقدّمون إلى شعبهم بفعلهم هذا سوى الخوازيق!

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment