bah رؤية الكرسي الرسولي تجاه لبنان: تبدّل جذري - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

رؤية الكرسي الرسولي تجاه لبنان: تبدّل جذري

08/29/2018 - 05:47 AM

Prestige Jewelry

 

 خشية من عدم العودة للاتصال بالعمق بين لبنان والفاتيكان

وفاة الكاردينال توران يضاعف الفراغ على مستوى العلاقة بين لبنان والكرسي الرسولي


 الكاردينال توران

 

 

 

داود رمال

صار ملموسا التبدل الجذري بالنسبة لرؤية الكرسي الرسولي للبنان، بعدما كان متقدما من ضمن دول الشرق وموقعه هو النقطة الاساسية التي يدخل منها الفاتيكان الى كل الشرق بتشعباته المسيحية والاسلامية.

هذا الموقع للبنان ترسخ في المجمع الفاتيكاني الثاني الذي تزامنت توصياته مع حرب العام 1967 ونتائجها، ولذلك اعتبر الفاتيكان لبنان الموقع الاساسي في الشرق، الا ان هذا الامر تبدل في يومنا الحاضر، وهناك مشكلة كبيرة، والفاتيكان كما الدبلوماسية الفاتيكانية انتقلت من الهمس الى الفعل من خلال كلام البابا فرنسيس من ان مصير المسيحيين في لبنان مرتبط بمصير كل مسيحيي الشرق".

3 نقاط

والتبدل يستدل عليه من ثلاثة نقاط اساسية:

1-   يقوم على اعتبار ان مسيحيي لبنان لم يعد ينظر اليهم انطلاقا من الدور والحضور انما مثلهم كمسيحيي الشرق (وهذا يعني ان مصيرهم الى زوال)

2-   لم يعد البطريرك الماروني متقدما بين متساووين، لا بل ينظر اليه كبقية بطاركة الشرق وهذا ظهر للعلن  منذ فترة قريبة ويكفي ادراج ثلاثة امثلة حية:

الاول: كلام البابا فرنسيس اثناء عودته من لقائه المسكوني في سويسرا عندما قال ان ثلث سكان لبنان واكثر صاروا من اللاجئين، وهذه الاشارة الوحيدة التي قالها عن لبنان الذي دائما كان يقرن بميزات تفاضلية اساسية عن محيطه واذا به يربط بذات وضع الاردن وتركيا

الثاني: اللقاء المهم الذي عقده البابا فرنسيس في الاجتماع العام للمنظمات التي تساعد النائس المشرقية المعروف باسم (roaco) في 28 حزيران الماضي، اذ كان هناك نصا مكتوبا ومعد سلفا ليقرأه البابا باللغة الايطالية، انما البابا خرج على النص الذي يتضمن تشجيعا وعوطف، ولم يقرأ حرفا منه، وارتجل كلمة لم تترجم الى اللغات المتعددة كما درجت العادة، وضمن كلمته المرتجلة كلاما صنّف بأنه خطير: "الشرق الاوسط على مفترق طرق وهناك ظروف صعبة واليمة  وفي الشرق الاوسط هناك خطر، وانا لا اريد ان اقول ارادة احد، انما خطر محو المسيحيين، وان الشرق الاوسط من دون المسيحيين لن يكون الشرق الاوسط". ويضيف البابا في كلمته المرتجلة "اليوم الشرق الاوسط يئن ويبكي وبعض القوى الدولية تنظر الى الشرق الاوسط من دون الاهتمام لا بالثقافة ولا بالايمان ولا بحياة الشعوب فيه. لكنها تنظر الى الشرق فقط من ناحية السلطة. والجميع يقول ان المسيحيين هم الاوائل في الشرق الاوسط ويجب احترامهم  الا ان احدا لا يقوم بأي امر. والعدد يتضاءل وقد تحدثت بالامس مع السفير البابوي في سوريا الكاردينال زيناري الذي قال لي ان العديد من بينهم لا يريد ان يعود وان كان يحب ارضه ومتعلق بايمانه الا ان الالام كبرى.. هناك بالاضافة الى ذلك خطيئة كبرى في الشرق الاوسط هي خطيئة النهم الى السلطة وخطيئة الحرب.. ولكن هناك ايضا خطيئتنا في الشرق خطيئة اننا لا نعيش بتناغم بين حياتنا وايماننا .. هناك كهنة، ربما ليسوا كثر، ولكن البعض منهم وهناك اساقفة ورهبانيات تبشّر بالفقر لكنها تعيش وسط الغنى الجامح (اشارة الى وضع لبنان)"

الثالث: اللقاء الذي دعا اليه البابا فرنسيس في مدينة باري الايطالية المطلة على الشرق، ودعا اليه كل بطاركة الشرق من كاثوليك وارثوذكس للصلاة من اجل مسيحيي الشرق، هذا اللقاء كان في 7 تموز الجاري، والملفت ان البابا اعاد في كلماته الكلام السابق الذي ارتجله  في رواكو  وكذلك كان النظر الى لبنان كوطن فيه لاجئين، وكان لافتا كلامه "من ضفاف النيل الى حوض نهر الاردن الى نهر العاصي الى ضفاف دجلة والفرات لنصرخ جميعا: سلام لك ايها الشرق"، اذ لم يأت على ذكر الدول وهذا يحتاج الى تفكير بالبعد السياسي لعدم ذكر الدول، وكان لافتا في لقاء الصلاة ان البطريرك الماروني لم يعط الاولوية، لا بل تقدم عليه بطريرك الكلدان في العراق، حتى في كتيب الصلاة الذي بلغاة متعددة لم يتضمن ترتيلة سريانية مارونية، والاخطر انه في الصورة الختامية التي وزعت للبطاركة يحيطون بالبابا كان البطريرك الماروني في اقصى الصورة  ومواقع الكرسي الرسولي حذفته من الصورة وفي ذلك دلالة.

3-   القرار الذي صدر في 14 تموز الحالي والذي اعلن فيه البابا تعيين رؤساء السينودوس الخاص بالشبيبة تحت عنوان "الشبيبة والايمان وتمييز الدعوة"، وقد عين البابا رؤساء هذا السينودوس وفق الاتي:

- بطريرك بابل للكلدانيين رئيسا اول

- بطريرك مدغشقر رئيسا ثانيا

- بطريرك ميانمار رئيسا ثالثا

- بطريرك غينيا الجديدة رئيسا رابعا

ولاول مرة لا وجود للبطريرك الماروني، خصوصا انه كان هناك سينودوس استثنائي من اجل لبنان اعلن عنه البابا يوحنا بولس الثاني في 13 حزيران1991، وعقد في العام 1995 وزار البابا لبنان في العام 1997 لاعلان مقرراته، والسينودوس الثاني في العام 2012 الذي حضر البابا بينيدكتوس السادس عشر الى لبنان خصيصا لاجله، مما يعني ان لبنان معني مباشرة بأي سينودوس.

اربعة اسماء في سنة

ناهيك عن موضوع السفارة اللبنانية  في الفاتيكان وتغيير اربعة اسماء من تموز 2017 الى تموز 2018 من السفير جوني ابراهيم الذي رفضه الفاتيكان للاسباب المعروفة الى السفير انطونيو عنداري الذي احيل الى اتقاعد بعد شهرين الى تعيين النائب السابق فريد الخازن والذي لم تستكمل كل اوراقه للالتحاق مما اضطر لبنان الى تكليف السفير خليل كرم كقائم بالعمال لتسيير شؤون السفارة.

نكسة

واذا لم يعد الفاتيكان ينظر الى دور لبنان في حوار الاديان يعني مشكلة كبيرة، ووفاة رئيس المجلس البابوي للحوار بين الاديان الكاردينال جان لوي توران يشكل ايضا نكسة  لانه يعرف لبنان عن كثب منذ  خدم مع الجيش الفرنسي  ومن ثم في السفارة البابوية  وهو من ابرز المصرّين على الحوار الاسلامي المسيحي، ووفاته تضاعف الفراغ على مستوى العلاقة بين لبنان والكرسي الرسولي.

والخشية الحقيقية تتمثل في عدم العودة للاتصال بالعمق بين لبنان والفاتيكان هذا الداعم المعنوي الكبير الذي كان له دور حاسم في عدم تفككه ابان الحرب ويحتاجه لبنان اكثر في هذه المرحلة الدقيقة جدا حيث التحول الديمغرافي وخطر اللاجئين.

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment