bah فادي السمردلي يكتب: صطيف العوايني لم يمت بل عاد بوجوه وألقاب جديدة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

فادي السمردلي يكتب: صطيف العوايني لم يمت بل عاد بوجوه وألقاب جديدة

08/19/2025 - 07:52 AM

absolute collision

 

 

 

#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال

* المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود

 

بقلم فادي زواد السمردلي

 

لم يكن صطيف العوايني في "باب الحارة" مجرد شخصية درامية تتظاهر بالعمى وتتنقل بين أزقة الشام حاملاً عصاه، بل كان رمزًا متكاملًا للخيانة المتخفية، لأسلوب الجاسوس الذي يختبئ تحت قناع المظلومية والبراءة. تذكّروا المشهد رجل يمد يده وكأنه يسترشد بطريقه، بينما في الحقيقة كان هو الطريق الذي سلكه العدو للوصول إلى قلوب وأسرار أهل الحارة، فاكتشفوه وأعدموه، فانتهت قصته في المسلسل.

لكن في واقعنا، لا نريد أن نرى هذه الشخصية فلا نريد أن نرى من يتقن فنّ لعب دور الضحية ليغطي على طعنة في الظهر ولا نريد من يرفع شعارات الوطنية بصوت مرتفع بينما يبيع ولاءه في الخفاء ولا نريد من يحوّل القيم إلى سلعة، يساوم عليها من أجل صفقة أو منصب أو امتياز

ولا نريد من يجلس في مكاتب فخمة ويتحدث باسم "المصلحة العامة" بينما مصلحته الخاصة هي البوصلة الوحيدة التي يتبعها ولا نريد من يشتري النفوذ بالمال، أو يبيع الضمير بمقعد، أو يشتري التصفيق بفتات من وعود لن تتحقق.

لا نريد من يحوّل الإعلام إلى مسرح لتزيين القبح وتبييض الوجوه المشبوهة، ولا من يستغل المنابر لتضليل الناس وإخفاء الحقائق ولا نريد من يتلاعب بعقول البسطاء، فيحوّل الخائن إلى قدوة، والمجرم إلى بطل، والوطني الحقيقي إلى متهم

ولا نريد من يبرع في صناعة الأقنعة حتى صار إخفاء الخيانة فناً قائماً بذاته ولا نريد من يحوّل السياسة إلى متجر، والمناصب إلى أسواق، والمبادئ إلى سلعة بأرخص الأثمان.

لا نريد من يقتل روح الانتماء ويغرس الانقسام، ثم يتحدث عن الوحدة ولا نريد من يزرع الفتنة ثم يدعو للمصالحة، أو من يشعل النار ثم يقف متفرجاً على الرماد ولا نريد من يتسلل إلى مواقع القرار ليهدمها من الداخل، أو من يبيع المستقبل قطعة قطعة ليضمن استمرار سلطته

ولا نريد من يستهلك طاقة المجتمع في تصفيق فارغ بدل أن يكرّسها للبناء الحقيقي ولا نريد أن نرى وجوهًا تتكرر بأسماء جديدة، ولا ألقابًا لامعة تخفي قلوبًا مظلمة ولا نريد أن يكون بيننا من يعيش على ضعف الآخرين، ويغتني من جراحهم، ويتقوّى على حساب كرامتهم

ولا نريد من يسرق الأحلام الجماعية ليحوّلها إلى مكاسب فردية، أو من يخدع الناس بشعارات الحرية والعدالة بينما يعمل على سجن الحقيقة وتكميم الصوت الحر.

إننا لا نريد أن نستيقظ كل يوم على نسخة جديدة من "صطيف"، ولا أن نصبح مجتمعًا يعتاد الخيانة كجزء من واقعه ولا نريد أن نُخدع بابتسامات مصطنعة، ولا أن نغفل عن خناجرهم المخبأة تحت الطاولات ولا نريد أن نصافح من تلطخت يداه بخيانة الأمانة، أو نمنح ثقتنا لمن خانها من قبل.

وخلاصة القول، هذا الطرح عام وشامل، ولا يُقصد به شخص بعينه، بل يصف ظاهرة تضرّ بأي بيئة بشرية إذا لم تواجهها بالوعي والرفض وأي شخص يجد نفسه منزعجًا من هذه الكلمات، فالمسؤولية تقع عليه وحده، لأنه هو من وضع نفسه في هذا الإطار، ولا يحق له أن يطالبنا بالصمت عن قبح اختاره هو بإرادته.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment