bah الثورة ليست حفلة شاي! الثورة ليست للجبناء - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الثورة ليست حفلة شاي! الثورة ليست للجبناء

08/21/2025 - 05:19 AM

Atlas New

 

 

مجد شاهين

 

كثيرون ممّن يتسكّعون على هوامش المعارك لا يفهمون معنى الثورة، أو بالأحرى لا يريدون أن يفهموا. يظنون أن الثورة مشهد نظيف، بلا دماء، بلا شهداء، بلا خراب، بلا ثمن.

يتخيّلون أن الاحتلال سيرحل يومًا بابتسامة أو يرمي علينا الورود و "الشوكولا". هذا الانفصال عن التاريخ والواقع كارثة، لأن كل تجربة ثورية في العالم أثبتت العكس.. الحرية تُنتزع، ولا تُهدى.

الثورة معركة وجودية، وليست ترفًا فكريًا ولا لعبة سياسية. الاحتلال لا يخرج من أرض اغتصبها بابتسامة، ولا يترك شعبًا حيًّا لأنه كتب بيانًا لطيفًا. الاستعمار عبر التاريخ كله لم يرحل إلا تحت ضربات المقاومة، وتحت أكوام الشهداء. فما معنى أن يأتي البعض اليوم ليحاكم المقاومة بجرائم الاحتلال؟!

هل تحرّرت فيتنام بلا دماء؟!

أكثر من مليون شهيد سقطوا هناك تحت القصف الأمريكي، لكنهم صنعوا النصر وانتصر الفلاح الفيتنامي على أعتى إمبراطورية.

هل تحرّرت كوبا بالتصفيق والبيانات؟!

في كوبا حملوا السلاح، صعدوا الجبال، سقطوا بالعشرات، حتى صنعوا ثورتهم بقيادة فيديل وتشي غيفارا، ولم يكن طريقهم إلا النار والدم.

هل خرج المستعمر الفرنسي من الجزائر بالابتسامات؟!

مليون ونصف مليون شهيد كتبوا تاريخ الجزائر بالدم، والمستعمر لم يرحل إلا بعدما غرق في المستنقع الثوري حتى رقبته.

وهل نالت إيرلندا استقلالها بالأغاني وحدها؟!

منذ الانتفاضة العظمى عام ١٩١٦ وحتى عقود "الدم والنار والمولوتوف" في بالفاست وديري، قدّم الشعب الإيرلندي آلاف الشهداء، وواجه أعتى آلة استعمارية في التاريخ.. بريطانيا.

“الجيش الجمهوري الإيرلندي” لم يولد من فراغ، بل وُلد من رحم المجازر، من قهر السجون، من دماء الأطفال والنساء. قرى أُحرقت، بيوت سُويت بالأرض، مقاتلون حُوصروا في الأزقة الضيقة لكنهم لم ينكسروا. لقد فهم الإيرلنديون الحقيقة ذاتها التي فهمها الجزائريون والفيتناميون: أن الاحتلال لا يرحل إلا حين يدفع ثمنًا باهظًا، وأن الحرية ليست منحة من التاج البريطاني، بل مهر دموي كتبه شعب لم يساوم حتى النهاية.

بأي وجه يأتي البعض اليوم ليحاكم المقاومة الفلسطينية بجرائم الاحتلال؟! أي منطق أعوج يجعلهم يساوون بين الجلاد والضحية، بين السكين واليد التي ترفعها دفاعًا عن الوجود؟

إن تحميل المقاومة وزر الاحتلال يشبه أن تَصبّ جام غضبك على السكين بدل الجلاد. الاحتلال هو القاتل، هو السارق، هو الهادم. المقاومة هي ردّ الفعل الطبيعي، هي الصرخة الأخيرة لشعب محاصر بين الذبح والصمت.

من لا يفهم أن الثورة " = " خسارات طبيعية لا يفهم المعادلة الكبرى.. أن الحرية لا تُمنَح، بل تُنتزع.

الخسارات ليست عيب الثورة، بل شرطها. الشهداء ليسوا خسارة، بل ربحًا خالصًا على طريق الحرية. البيوت المهدمة ليست نهاية، بل بداية لوطن يولد من تحت الركام.

كل دم يسيل هو ثمن على طريق التحرر، كل جدار يهدم هو خطوة نحو وطن جديد.

من يبحث عن ثورة بلا تضحيات، يبحث عن سراب.

الثورة ليست للجبناء، وليست للمحايدين… الثورة ملك من يعرف أن الجوع اليوم خبز الغد، وأن دم الشهيد ماء حياة الأمة.

المقاومة الفيتنامية، الكوبية، الجزائرية، الإيرلندية… كلّها تقول لنا بصوت واحد.. 

لا استقلال بلا دم، لا كرامة بلا شهداء، ولا حرية بلا مقاومة.

أيها المتخاذلون.. الثورة ليست لكم.

الثورة لمن يعرف أن بيتًا يُهدم اليوم سيُبنى فوق أنقاضه ألف بيت مرفوع على أعمدة الحرية.

المقاومة لا تُحاكم، المقاومة لا تُساوَم.

المقاومة هي نبض الأرض. 

من لم يفهم ذلك فليخرج من الصفوف، وليترك الطريق لمن يعرف أن الثورة طريقها دم، نار، صبر، ونصر محتوم.

أيها المتخاذلون.. 

الثورة ليست لكم. 

اتركوا الطريق، فهنا لا يسير إلا من باع نفسه للوطن، وأقسم أن يواصل حتى النصر، مهما كان الثمن.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment