08/21/2025 - 17:52 PM
عدنان القاقون
التراشق السياسي والاعلامي حول قرار حصر السلاح في لبنان لا يحجب حجم وشراسة المعركة الدبلوماسية الصامتة التي تخوضها بيروت في المحافل الدولية لتجديد مهمة قوات حفظ السلام الدولية "يونيفل"في جنوب لبنان.
وفق المعلومات فان عقبتين اثنتين تقفان امام التمديد ل "اليونيفل" التي حطت رحاها في جنوب لبنان عام 1978 .الاولى مالية اذ قررت الولايات المتحدة حجب مساعداتها المالية لمنظمات الامم المتحدة بما فيها قوات يونيفل وهي تشكل نحو 26 بالمائة من تكاليف القوة البالغ عددها نحو 10 الاف عسكري اولجت لها مهمة حفظ السلام على الحدود اللبنانية الاسرائيلية.
اما العقبة الثانية وقد تكون الاهم ،وفقا للمعلومات،فان القوة الدولية قد تكون واحدة من ضحايا تسونامي طوفان الاقصى الذي اطلقه يحي السنوار ،فما بعد السابع من اكتوبر لعام 2023 ليس كما قبله على كل المستويات السياسية والامنية.
مع نهاية هذا الشهر اغسطس/اب تنتهي رسميا مهمة القوة الدولية في حال لم يتم التوافق على التجديد لها في مجلس الامن .الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون يقود التحرك اللبناني للحصول على "النعم" الدولية ،ولا تخفي السلطة اللبنانية اهمية دور هذه القوة في مساندة الجيش جنوبا في ظل اجواء تزداد تعقيدا وحساسية،وجاء في رسالة الحكومة اللبنانية الى الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس ان "وجود اليونيفل امر جوهري وهو ليس رمزا للتضامن الدولي فحسب بل مصدرا للامان والاستقرار في جنوب لبنان" .
في المقابل تضغط اسرائيل على الولايات المتحدة لانهاء مهمة القبعات الزرقاء مستفيدة من منطق القوة الذي فرضته ليس في جنوب لبنان فحسب انما في الاقليم ككل .وتدفع حكومة بنيامين نتانياهو بذريعة ان اليونيفل لم تقم بالدور المناط بها ،واتخذت موقف المتفرج على "عملية الاسناد" التي اطلقها حزب الله دعما ل طوفان الاقصى.
لبنان القابع على بركان التحديات الداخلية والاقليمية يخوض معركة الحفاظ على رمزية الدعم الدولي في ظل استمرار مسلسل الاعتداءات الاسرائيلية .فيما تسعى حكومة نتانياهو الى استثمار تفوقها العسكري وترجمة المتغيرات الجيوسياسية لمصلحة "اسرائيل العظمى".
في تقدير الاوساط السياسية المطلعة فإن لبنان امام 3 سيناريوهات:
•الاول :عدم التجديد ل "اليونيفل" وهذا يعني نجاح اسرائيل في اقناع واشنطن باشهار سلاح الفيتو في مجلس الامن .ويفترض هنا البحث عن آلية لتعزيز الجيش اللبناني على كافة المستويات.
•الثاني:التجديد لقوات حفظ السلام الدولية مع تعزيز وضعها العسكري ودورها الجغرافي في اسناد الجيش اللبناني لحفظ الامن والاستقرار.
•اما السيناريو الثالث فيتمثل في حال عدم التجديد ل " اليونيفل" ان تتبنى الولايات المتحدة عملية توسيع صلاحيات ومهام لجنة وقف اطلاق النار بين لبنان واسرائيل برئاسة الجنرال الاميركي مايكل جي ليني المقيم في عوكر شمالي بيروت في واحدة من اهم واكبر السفارات الاميركية في العالم .وبذلك يكون لبنان قد خرج عمليا من رمزية التواجد الدولي الى دائرة الاهتمام الاميركي السياسي ..والعسكري.
* عدنان القاقون هو إعلامي وصحافي لبناني بارز. يمتلك خبرة تفوق عشرين عامًا في الصحافة السياسية، وقد عمل في عدة صحف عربية مثل الأنوار، الأنباء، القبس، والجريدة. إلى جانب عمله الصحافي، يُعرف أيضًا بإنتاجه وإخراجه لأفلام وثائقية تُعرض في معظم أنحاء العالم العربي، خصوصًا عبر قناة MTV لبنان.
يُعرف القاقون بتحليلاته السياسية الجريئة، ومواقفه الداعمة لبناء دولة المؤسسات في لبنان، كما عبّر عنها في مقابلاته مع بيروت تايمز.
Comments