bah ترامب والحرب الروسية على اوكرانيا - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

ترامب والحرب الروسية على اوكرانيا

08/22/2025 - 03:20 AM

Prestige Jewelry

 

 

 

السفير مسعود معلوف

 

منذ حملته الانتخابية للعودة الى البيت الأبيض في النصف الثاني من العام 2024، بدأ الرئيس الاميركي دونالد ترامب يسوق نفسه على أنه رجل السلام الذي يريد أن يضع حدا للحروب في العالم، ولا يمكن أن ننسى تصريحه الشهير حيث وعد بأنه في حال إعادة انتخابه سينهي الحرب في أوكرانيا في مهلة لا تتعدى الأربع والعشرين ساعة، وربما حتى قبل أن يتسلم الرئاسة رسميا.

مضى سبعة أشهر على دخوله مجددا البيت الأبيض والحرب الروسية-الأوكرانية على أشدها، وقد صدر عن الرئيس ترامب تصريحات وتهديدات متتالية، منها مثلا إعطاء الرئيس الروسي بوتين مهلة خمسين يوما لإنهاء الحرب، ثم تم تخفيض المهلة الى عشرة أيام، وعند انتهاء هذه المهلة الأخيرة، بدل فرض العقوبات، تفاجأ العالم بدعوة ترامب الرئيس الروسي الى اجتماع في ولاية ألاسكا، وقد أعطى ترامب انطباعا قبل الإجتماع بأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا بات قاب قوسين وفي حال لم يقبل به بوتين فإن ترامب سيغادر الإجتماع ويفرض عقوبات إضافية على روسيا.

واضح أن ترامب يهمه كثيراً إظهار الود للرئيس بوتين الذي يتمتع بذكاء واضح، ويعرف نقاط الضعف عند ترامب، وأهمها تصديقه للذين يمدحون به، ومَن مِنا لا يذكر كيف قال ترامب في أحد أحاديثه أن بوتين وصفه بالنابغة، وترامب يحاول كسب ود بوتين بشتى الطرق لدرجة أنه، عند استقباله الرئيس الأوكراني زيلينسكي في البيت الأبيض في شهر شباط الماضي، شاء ترامب إهانة زيلينسكي أمام شاشات التلفزة بشكل مثير للدهشة، كما أنه أفهم ضيفه آنذاك، بعد أن اتهمه بصورة مغايرة تماما للواقع بأنه هو الذي بدأ الحرب ضد روسيا وأن أوكرانيا عليها أن تقبل بتسليم روسيا قسما من أراضيها، وأن باب دخول حلف شمال الأطلسي مقفل أمامها، كل ذلك من أجل إرضاء بوتين عله يوقف الحرب ويَظهر ترامب عندئذ بمظهر من وضع حداً لهذه الحرب.

لم يعد خافيًا على أحد أن ترامب يحلم بالحصول على جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها الرئيس الأسبق باراك أوباما في أواخر العام 2009، وترامب ينتقد بشدة أسلافه في البيت الأبيض مدعيًا أنه أفضل رئيس في تاريخ الولايات المتحدة. ومعروف أن بعض أعوانه يتواصلون مع قادة في العالم من أجل ترشيحه لهذه الجائزة التي يرى كثيرون أنه يصعب حصوله عليها طالما أن إدارته تستمر في تزويد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة التي تقتل عشرات آلاف المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، لدرجة أن بعض المراقبين يتوقعون احتمال قيام الرئيس أوباما بإعادة جائزته الى لجنة نوبل للسلام في حال مَنحت هذه الأخيرة الجائزة للرئيس ترامب.

في اجتماع قمة آلاسكا، نشر الرئيس ترامب السجادة الحمراء لدى استقباله الرئيس بوتين، ودخل الإجتماع مؤكدا انه لن يقبل بأقل من وقف إطلاق النار في أوكرانيا. وبعد حوالى ثلاث ساعات من الإجتماع، عقد الرئيسان مؤتمراً صحافياً افتتحه الرئيس الضيف بوتين خلافا للبروتوكول والأعراف، معلنا أنه تم الإتفاق على السعي الى إنهاء الحرب بالكامل دون أية إشارة الى وقف إطلاق النار. وبعد ان أعلن ترامب أنه حصل تقدم كبير في هذا الإجتماع، خرج الرئيسان دون قبول أية أسئلة من الصحافيين.

عاد بعد ذلك الرئيس بوتين الى موسكو والرئيس ترامب الى واشنطن وقد شعر الأوكرانيون والأوروبيون بخيبة أمل كبيرة من هذا الإجتماع، وفقدوا بالكامل ثقتهم بالرئيسين ترامب وبوتين إذ تأكدوا أن عملية التفاوض من أجل الوصول الى إنهاء الحرب ستأخذ وقتا طويلا وهذا ما سيسمح للرئيس بوتين باستمرار هجماته على المدن والمناطق الأوكرانية ولن يستطيع ترامب أن يوقف ذلك بأية وسيلة.

من أجل الحفاظ على ماء الوجه وعدم الظهور بمظهر المنهزم أمام الرأي العام، دعا ترامب الرئيس الأوكراني الى اجتماع في واشنطن. ونظرا الى عدم وجود ثقة لدى القادة الأوروبيين بالرئيس ترامب وخشية أن يقوم من جديد بما قام به من إهانة لزيلينسكي في شباط الماضي، قرر عدد من القادة الأوروبيين وأمين عام حلف شمال الأطلسي ورئيسة المجلس الأوروبي مرافقة زيلينسكي الى هذا الإجتماع الذي حصل في الثامن عشر من شهر آب الجاري في البيت الأبيض.

بنتيجة هذا الإجتماع، أعلن ترامب أنه سيتحدث مع بوتين من أجل تأمين اجتماع لبوتين وزيلينسكي في مكان يتفق عليه الفريقان، على أن يلي ذلك اجتماع آخر ينضم اليه ترامب. وقد أبلغ ترامب الرأي العام أن بوتين وافق على الإجتماع مع زيلينسكي للبحث في كيفية وضع حد للحرب، ولكن لم يصدر من موسكو أي تأكيد رسمي لحصول مثل هذا الإجتماع، علما أن وزير الخارجية الروسي لافروف قال ان اجتماع قمة بين الرئيسين ينبغي أن يتم الإعداد له بدقة كبرى وبجميع التفاصيل، موحيا بذلك عدم قرب حصوله في المستقبل القريب.

يمكن الإستنتاج من جميع هذه التحركات أن الرئيس ترامب يحاول أن يظهر أنه محور العالم، وأنه هو الذي يسعى الى حل الأمور المعقدة، وهو يقول أنه أنهى عدداً من الحروب في مناطق مختلفة من العالم بفترة ستة أشهر منذ تسلمه الرئاسة وهو كان يعتقد ان الحرب الأوكرانية كان يمكن حلها بسهولة ولكنها بدت أكثر تعقيدا مما يظهر.

بالخلاصة، يمكن القول أن حرب أوكرانيا ستستمر لفترة من الزمن ولكن، مهما طالت، فلا بد لها أن تنتهي، ومتى انتهت، يعتبر معظم المراقبين أن الرئيس ترامب سيتباهى بأنه هو الذي كان وراء إنهائها بفضل الإجتماع الذي عقده مع بوتين في ألاسكا وبفضل تحركاته المستمرة في هذا الإتجاه، وسيدعي طبعًا انه يستحق الحصول على جائزة نوبل للسلام.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment