الخوري الدكتور نبيل مونس *
في رحاب هذا اليوم المبارك، نهار الجمعة، يوم الإخوة المسلمين في الصلاة والصوم، تتعالى الدعوة الكونية لتتوحد الأرواح والقلوب في طلب السلام. دعوة أطلقها البابا لتصل إلى كل أرجاء العالم، بدءًا من أرضنا المثقلة بالحروب والانقسامات، وصولًا إلى كل بقعة في هذا الكوكب المتعطش إلى حياة يسودها العدل والفرح والمساواة.
السلام ليس شعارًا نردده، بل هو حاجة إنسانية ونداء إلهي، هو لغة الفطرة التي تنبض في أعماق البشر جميعًا. فلنجتمع، نحن أبناء الديانات والأعراق والتقاليد كافة، ونرفع صلواتنا بصمتٍ خاشع أو بدعاء جهير، مرددين من أعماقنا: نريد السلام. نريد سلامًا للأرض، للقلوب المتعبة، للأوطان الجريحة، وللشعوب الممزقة بالصراعات. فلنصرخ معًا: كفى! فقد آن الأوان أن يحلّ سلام الله بيننا.
لقد سمعنا جميعًا نداء الملائكة منذ فجر الخليقة: "المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر."
فلنحرر أنفسنا من الشكوك والأحكام المسبقة، ولنطهر قلوبنا من الكراهيَة، متمثلين بالخالق الذي تُشرق شمسه على الأبرار والخطأة معًا.
ولنثبت في درب المحبة والغفران، نصبر ونغفر سبعًا وسبعين مرة، ونقوّي عزيمتنا بالصوم والصلاة والصدقة، لأن الله يرى والروح تهب حيث تشاء، حاملة نور الرجاء إلى القلوب المنكسرة.
يا ودعاء الأرض، يا أنقياء القلوب، يا من تتسع أرواحكم للبشر جميعًا… اتحدوا ولو ليوم واحد تحت حماية مريم، ملكة السلام، وارفعوا صلواتكم كما علّمتكم كتبكم، مرددين مع القرآن الكريم: "وسلامٌ عليه يوم وُلد ويوم يموت ويوم يُبعث حيًّا" (سورة مريم، 15).
ولنهتف معها كما جاء في الإنجيل: "فها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال، لأن القدير صنع بي عظائم، واسمه قدوس، ورحمته إلى جيل بعد جيل للذين يتقونه." (إنجيل لوقا).
فلنحوّل هذا اليوم المبارك إلى عهد جديد، حيث تتصافى النيات وتتحد القلوب، لتكون صلواتنا وبذور محبتنا بداية حقيقية لمسيرة سلام تُضيء دروب البشرية نحو عالمٍ أكثر إنصافًا ورحمة.
* الخوري الدكتور نبيل مونّس مؤسّس اللجنة اللاهوتيّة للسّلام في لبنان
Comments