bah اللامركـزية الإدارية مدخـل لحـل الأزمة اللبنانية - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

اللامركـزية الإدارية مدخـل لحـل الأزمة اللبنانية

08/23/2025 - 12:47 PM

Bt adv

 

 

الدكتور بول حامض *

 

في البداية كناشط سياسي ومؤمن بأنّ الحلول الموضوعية لا تأتي بالطرق الإعتباطية، وفي مناسبة هذه المقالة أوّد أنْ أحيي جهود دولة الإمارات العربية التي تبذلها معنا فيما خص طرح موضوع اللامركزية الإدارية، وما وفّرته لنا من خلال المداخلات والمراسلات من أفضل الخبراء والمسؤولين في إطار موضوع اللامركزية والتي على ما يبدو ستتخـذ أبعادًا فكرية موضوعية علمية دستورية قانونية من أجل فاعلية أكبر في موضوع حل الأزمة اللبنانية بكل تشعباتها.

خيارنا في اللامركزية الإدارية متشعّبْ يُلامس الواقع السياسي والإجتماعي اللبناني بأبعاده الوطنيّة ويفرض إشراك فاعليات متنوعة للبحث فيه إنطلاقًا من توصيات الوثيقة الدستورية (وثيقة الوفاق الوطني)، والهدف من دراستنا عن اللامركزية هو الوصول إلى تصوّر واضح حول أهم الأطر لإرساء نظام لامركزي حديث ديمقراطي يتلاءم مع الواقع اللبناني وحاجات المناطق.

من خلال الدراسة والمناقشات التي أجريناها وسنجريها نهدف إلى تقديم مقاربة علمية للعلاقة بين أوجه الحكم الحالي المختلفة ومدى ترابط الخيارات على مستوى السياسة الإشتراعية. في لبنان تحرص قوانين الإنتخاب المعتمدة على أن يرد نص صريح يقول في أولى مواده بعدم إرتباط التقسيم الإداري بتقسيم الدوائر الإنتخابية، يربط إتفاق الطائف (الدستور الحالي)،بين إعادة النظـر في التقسيم الإداري وقانون الإنتخاب، وهذا الأمر يطرح سؤالاً جوهريًا يتعلق بالتفاعل بين اللامركزية الإدارية وقوانين الإنتخاب والبلديات والتنظيم الإداري ومدى مراعاة أي تشريع جديد لهذا الكل المتكامل.

إنّ اللامركزية الإدارية وفق مبدأ العلوم السياسية تمثِّلْ الإتجاه العالمي الواسع منذ سنوات مضتْ، ومن الملاحظ أنّ أغلبية الحكومات أدركتْ أنّ إدارة الموارد وتوفير الخدمات وتقنين المشاركة والإستغلال السياسي هي من الإتساع بحيث لا يمكن أن تتولاها جهة مركزية واحدة، بل ينبغي أن تتولاها جهة سياسية من مستويات مختلفة، وفي هذا الإطار وبالإستناد لعدة مراجع تبيّن لنا أن العديد من الدول قامتْ بإعادة هيكلة بناها الإدارية المحلية ومنحتها سلطات أوسع.

إستنادًا إلى العديد من المراجع العربية والدولية يظهر أنّ إعتماد اللامركزية الإدرية ما هـو إلاّ إجـراء تصحيحي للمركزية المفرطة التي رافقت بناء الدول الحديثة، وذلك حين تضافرت النظريات الحديثة للدولة والتقدُّم في إلتفاتة وأساليب الإدارة لتعطي إنطباعًا واهما بأنه يمكن تحقيق الحد الأقصى من الكفاية عبر إدارة كل المهمات الإدارية بواسطة إدارة مركزية وطنية واحدة، وهذا ما يحصل في الجمهورية اللبنانية المثقلة بالمتاعب السياسية – الأمنية – الإقتصادية – المالية – الإجتماعية.

إنّ التجارب في الدول المتعثرة أثبتتْ أن إدارة الشؤون السياسية الأمنية الإقتصادية الإجتماعية الخدماتية أمر لا يُمكـن تبسيطه وبالتالي إنّ ثمة حاجة إلى مقاربة أكثر تطورًا لتوزيع مهام الحكم على مستويات متعددة، ومقابلة بالحكومات المركزية فإن عدد الحكومات المحلية والإقليمية ومدى صلاحياتها كبير جدا.

وفق بعض الدراسات تبيّن لنا أنّ اللامركزية تتضمن توزيعًا للمسؤوليات بين الحكم المركزي والسلطات المحلية، موضوعيا وعمليا وفعليا إنه تقسيم للعمل يتبادل طرفاه إعتماد كل منهما على الآخر، ولا يمكن أن ينجح إلاّ بشكل ثنائي. فالحكم المركزي ذو السلطات المحلية الضعيفة سينتهي إلى الفشل وعلى العكس، فالسلطات المحلية المرتبطة بحكم مركزي ضعيف سوف تفشل بدورها فهما معا جزء من بُنية الحكم الوطني نفسها، فإما أن ينجحا معا أو أن يفشلا معا، وهذا ما يحصل في الجمهورية اللبنانية وخطورته تعكس على واقع أجهزة الدولة والشعب.

في نهاية الأمر ما يحصل في لبنان على صعيد الحكم من تفكيك ل اللامركزية هو إحتكار مركزي للسلطة وهذا ما أدى إلى خلق إحتكارات للسلطة على المستوى المحلي أي أن ما يحدث من تغيير في هيكلية القمع من قمع تقوم به النخبة الوطنية إلى قمع تقوم به نخبة محلية صغيرة إحتكارها للسلطة أكثر قمعا بفعل تعززه بالعلاقات العائلية والإجتماعية والزبائنية والمصالح المالية (نموذج إنتخابات البلدية الأخيرة في أيار الماضي )،وهذا ما يعني أن ثمة ضرورة إلى الوجود الدائم للحكم المركزي لضمان بقاء الحكم المحلي محدودا ولحماية المواطنين من إفراط السلطات المحلية في إستخدام صلاحياتها.

في النهاية إنّ اللامركزية هي وسيلة لزيادة مساءلة الشعب للحكومة لثلاثة أسباب جوهرية :

  1. سهولة تحديد الأشخاص المسؤولين عن الأداء الإداري وذلك بخلاف الحكومة المركزية بحجمها.
  2. تحقيق شفافية الإدارة أمر أسهل على مستوى الحكم المحلي.
  3. إمتياز الأمور المطروحة على الإداري المحلي ببساطتها وقابليتها للفهم من قبل الأهالي.

وتبقى اللامركزية الإدارية مدخـل لحـل الأزمة اللبنانية.

 

 *ناشط سياسي

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment